الاشتراكية : تعريفها ومؤسسها وأفكارها وعيوبها

الاشتراكية

الاشتراكية

الاشتراكية حركة سياسية تتجه بالانتاج إلى ناحية النفع والمصلحة لا ناحية الكسب والربح … ويقول الاشتراكيون بتأميم المصانع والمناجم والغابات … وان تديرها الحكومة … وان الفرد ياتي في الصف الثاني وراء الدولة .

 

تختلف الديمقراطية اختلافاً شديداً عن المذاهب التي قامت على الرأي القائل بأن مكان الفرد ياتي في المرتبة الثانية بعد الحكومة .

وتنقسم تلك المذاهب إلى قسمين : تقف الأشتراكية والشيوعية على رأس القسم الأول

منها .

وتقف الفاشية والنازية على رأس القسم الثاني .

وكلا الفريقين يختلفان في عدة وجوه ، ويتفقان في وجوه اخرى .

فالاشتراكية تسبق في وجودها غيرها من المذاهب الأخرى الحديثة ، فقد نشات نتيجة لحالة  سادت بعد الثورة الصناعية حينما حلت طريقة الانتاج الصناعي محل الانتاج اليدوي منذ قرن ونصف قرن من الزمان ، وأخذ عدد العمال في المصانع التي تدار بالقوى المحركة والآلات بتزايد فترة بعد أخرى . مما هبط مصاريف التكلفة إلى مستوى أكثر انخفاضاً من مثيلاتها في المصانع اليدوية .

يومذاك أصبح في المستطاع استخدام طائفة كثيرة العدد من المال في صناعة واحدة ينتجها مصنع واحد مثلاً .

و هذا المصنع بمتلكه أفراد غير مبذرين استطاعوا أن يقتصدوا من أموالهم ما جعل في مقدورهم أن يقيموا بها بناء المصنع ، وأن يبتاعوا الآلات اللازمة التي تساعد على وفرة الانتاج وجودته .

وقد أسفرت هذه الوسيلة التي أطلقوا عليها اسم ” الرأسمالية ” أو ” طريقة المشروعات الخاصة ” عن نجاح تام .

 

فقد أنتجت الشعب ما هو في حاجة اليه من السلع وقدمت للأفراد وسائل العيش .

ونشا عن ذلك غنى وثروة مالية سائلة ، احتفظ أصحاب المصانع بجزء منها كمكافاة على المخاطرة بأموالهم، وأجر لاستخدام آلاتهم ، وخصص جزء آخر لتوسيع مصانعهم .

وكانت مرة ذلك أن قامت أعمال أخرى ، أنتجت سلعاً جديدة .

وهكذا تم انتشار التقدم الصناعي في سرعة عظيمة وتحولت الصناعات اليدوية والزراعية إلى تصنيع آلي بالجملة ، وهو ما يسمونه بعصر التصنع .

وأخذ النقاد يتجادلون ويقولون : انه ما دام أصحاب الصانع لا يفيدون دون جهود عمالهم وجب أن تكون حصة الآخرين فيما ينتجون أكبر . بل إن بعضهم قال انه بحق العامل أن يصبح مالكا للسلعة التي تنتجها . وقال غيرهم : أن الثروة التي نتجت عن طريق العمل يجب أن نوزع بالتساوي على العمال الذين باشروا إنتاج السلع التي جلبت تلك الثروة ، أي أنهم يجب أن يشتركوا في اقتسامها.

ومن هذه العبارات انبثقت فكرة ” ” .

وأصبحت الأشتراكية حركة سياسية تتجه بالانتاج إلى ناحية النفع والمصلحة لا ناحية الكسب والربح.

وهنا تختلف الاشتراكية عن الرأسمالية . ذلك أن الرأسمالية تقضي في أصولها

الرئيسية بأن الكسب ضرورة في محيط الأعمال لأنه يحفز الناس ويشحذ منهم حتى لا يضيعوا أوقاتهم سدى وحتي يستكملوا رسائل الاجادة والتحسين والنمو .

ويقول الرأسماليون : أن ما وصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية من مركز دولي ممتاز إنما يعود الفضل فيه إلى الأرباح الصناعية .

ولكن الاشتراكيين يهدفون إلى وجوب تأميم المصانع والمناجم والغابات وجميع وسائل الانتاج الأخرى ، حيث يتوقعون تعدد تلك الأرباح وتعدد مصادرها الجديدة ، ويكفي أن يشعر العمال أنهم سيشتركون في تلك الأرباح ليكون ذلك حافزاً لهم لموالاة جهودهم .

ويقول دعاة الاشتراكية ان ذلك المذهب لا يسمح ببذل جهود ضائعة وأن المنافسة سوف لا يكون لها محل أو وجود و كذلك التعطل عن العمل .

ويقولون كذلك انهم انما يعتمدون على الوسائل السلمية الانتخابية لقيام المذهب الاشتراكي بل ويعتقدون أنهم ذهب ديمقراطي ، وينكرون بتاتاً أنه يحطم حرية الفرد أو حتى يؤثر عليها ، بل على العكس يؤكدون أن الاشتراكية في المذهب الوحيد الذي  تتزايد فيه حرية الفرد وتعلو .

ويقول آخرون أن خطة الاشتراكية في إدارة الصانع وغيرها تقضي باختيار شخص معين لأداء عمل معين ، وهكذا لا يضيع وقته عبثًا في البحث عن أي عمل بعيش منه ، أو يغير مهنته فترة بعد أخرى ، فلا يتملق أحد الأحزاب السياسية ، أو أحد موظفي الحكومة لكي يفوز بوظيفته ، بل يجب عليه أن يراقب نفسه في الشؤون السياسية وان يختار أصدقاءه اختیاراً ، ثم يعرف كيف يعالج شؤون بيته وذويه .

وكثيرون ممن يؤثرون الديمقراطية إيثاراً يقولون ان الاشتراكية سوف تنظم حياة الناس تنظیماً يفقدون معه حريتهم الشخصية وحرياتهم العامة .

وبتطور الأيام والسنين نشأت عدة أنواع من الاشتراكية وتطورت وأصبح لها اليوم مناصرون .

فالنقابية فكرة ثورية لانشاء الاشتراكية ، نبتت في فرنسا منذ مئة عام وتبناها الأمريكيون في سنة ۱۹۰5 • وهي تقضي بتاسيس المذهب الاشتراكي بين يوم وليلة بواسطة الاضرابات العامة التي تدمر الرأسمالية والحكومة معاً ، وحينئذ يقوم نظام اقتصادي جديد تكون كل صناعة فيه وحدة قائمة بنفسها وتديرها وتشرف عليها وتوجهها النقابة الخاصة بالصناعة المذكورة .

ثم الفابية ، نسبة إلى الجمعية الفابية التي نشات في سنة ۱۸۸۳ بانجلترا على بد جورج برنارد شر وبباريس وسدني ريب ، وغيرهم .

وليس العنف من وسائلها بل هي تعتمد على الاقناع .

ومنذ سنة ۱۹۰۰ ظلت الفابية تناصر حزب العمال البريطاني ، وهو الحزب الذي أدخل الاشتراكية إلى بريطانيا وأقام حكومته على مبادئها .

وهناك الاشتراكية الحكومية التي يكون لها وجود ما دامت السلطات التي تشرف على الحكم تتصل بالمبادئ الاشتراكية . وهي تشرف على تأميم الشركات والعمليات الصناعية وغيرها ما يكون عادة من الزم خصائص الأفراد .

Scroll to Top