البردة
« البردة ، كساء يلتحف به، وقيل إذا جعل الصوف شقه وله هدب فهي بردة» .
ويقول الأزهري في تعريف البردة : «رأيت أعرابياً.. وعليه شبه منديل من صوف قد اتزر به، فقلت : ما تسميه؟ قال: بردة .
قال الأزهري : جمعها برد، وهي الشملة المخططة» .
وجاء عند البخاري أن البردة، هي الشملة منسوج في حاشيتها.
ويظهر من بعض النصوص أن البردة من أنواع اللباس الذي يصنع في مدينة رسول الله ، كما يصنع في غيرها، وهذا ربما كان أحد الفروق التي تميزها عن البرد، حيث أن البرد أكثر ما يأتي من خارج المدينة .
ومن النصوص التي تبين أن البردة من الصناعات المحلية، ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم برده سوداء فلبسها، فلا عرق فيها وجد ريح الصوف فقذفها . . .
وفي رواية عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، قال : جاءت امرأة ببردة إلى رسول الله .. قالت: يا رسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها رسول الله و محتاجا إليها وانها إزاره.
وهذا النص الأخير يكشف لنا عن أحد أوجه استعمال البردة هو أنها تكون إزارا .
وفي رواية عن عتبة بن غزوان، قال: فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها الأخر.
وبعض البرد تكون صغيرة جدا، ففي رواية لعمرو بن سلمة، قال : … فصليت بهم وعلي بردة، وكنت إذا ركعت أو سجدت قلصت فتبدو عورتي. فلما صلينا تقول عجوز لنا دهرية، غطوا عنا است قارئكم.. .
وفي رواية لعمرو بن سلمة، يذكر لنا لون البردة، فيقول: فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صغيرة صفراء … .
وفي رواية عن بلال بن رباح رضي الله عنه يفهم منها أن البرة من اللباس الضروري للإنسان وأن رسول الله كان يكسو المحتاجين البرد حيث يقول: …. وكان إذا أتاه الإنسان مسلما فرآه عارياً يأمرني فأنطلق فأستعرض فأشتري له البردة فأكسوه وأطعمه…
والبردة أيضا يتهاداها كبار القوم، فقد أهدى ملك أيلة إلى رسول الله و بردة.
والبردة، تكون إزارا ورداء، يصف سلمة بن الأكوع نفسه في غزوة حنين بقوله : … وأرجع منهزما وعلي بردتان متز را بإحداهما مرتديا الأخرى.
ووكان بعض أصحاب رسول الله في فقر شدید حيث لا يجد أحدهم سوی بردة مرفوعة، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إنا الجلوس مع رسول الله في المسجد، إذ طلع علينا مصعب بن عمير، ما عليه إلا بردة له مرقوعة بفرو….
وفي رواية لأحد أصحاب رسول الله يقول فيها: قدمت المدينة وأنا شاب متأزر ببردة لي ملحاء أجرها .
والبردة في حالات الضرورة تصلح أن تكون كفنا، فحين استشهد حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه يوم أحد، لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء صغيرة إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه.. .
ومصعب بن عمیر رضي الله عنه وهو من شهداء أحد، كفن في بردة، إن غطى رأسه بدت رجلاه وإن غطى رجلاه بدا رأسه .
مما تقدم يمكن القول إن البردة كساء صغير من صوف، ربما كان فيه خطوط، وأنه على الرغم من أن المشهور أنه من لباس الأعراب فإن معظم الروايات التي سبق عرضها تظهر أنه من لباس الحاضرة، وأن رسول الله اکتسي البردة وكساها.
وأن البردة من الصناعات المحلية في مدينة رسول الله لا وربما صنعتها ربات البيوت في بيوتهن. وأثمانها مجهولة لدينا، والذي نعرفه أن بردة مستعملة (قد لبست)، بیعت بأربعة دراهم.
وإضافة إلى استخدام البردة رداء فهي تستخدم إزاراً أيضاً وربما لبس المرء بردتين: إزاراً ورداء. والبردة في بعض الحالات تستخدم كفنا.
وللبردة ألوان منها، الأسود، والأصفر والمخطط أو الملحاء ذات الخطوط البيض والسود. والشيء الذي يكتنفه الغموض هنا هو الفرق بين البرد والبرده، حيث أن الروايات السابقة لم تقدم لنا شيئا، ذا بال عن الفرق الجوهري بين الكسائين! . سوى أن البرد يتخذ من العصب والوشي وأن فيه خطوط بينما البردة هي الشملة فيها خطوط وربما كانت حاشيتها منسوجة وأنها تتخذ من الصوف.