الشيوعية
تعريف الشيوعية: الشيوعية هي الاشتراكية الثورية .. وهي تعارض في عنف وقسوة جميع نظم المجتمع او الحكومة التي تتوق إلى اقتناص مكانها .. في انحاء العالم كافة بأية وسيلة ، عنيفة كانت او ماكرة خبيثة .
إن الشيوعية هي أشد أنواع الاشتراكية عنفاً وقسوة .
وقد أنشاها کارل ماركس الذي ولد في ألمانيا عام ۱۸۱۸ ومات في انجلترا عام ۱۸۷۳ وكانت معروفا بانه نبي الشيوعية .
ولهذا فإن الشيوعية والماركسية انما تطلقان على مسمى واحد.
ولكي نستطيع أن نتفهمها ونتعرف إليها يجب أن نلقي نظرة على تاريخها وعلى حياتها في العصر الحاضر كذلك .
کان کارل مار کس يهزأ بالاشتراكيين الذين عاصروه ، وينعتهم بالجهل والغباء ، وأنهم لا يفقهون ما يدور حولهم وخاصة تلك الثورة الصناعية .
وقد كان واثقاً من انهيار النظام الرأسمالي و من أن الهوة سوف تتسع بين المال وأصحاب الأعمال ، وستكون حالة الأولين في درجة من السوء تحملهم على الثورة وإسقاط الرأسمالية وحينئذ يحلون محلها .
وستكون نتيجة هذه الثورة قيام “دكتاتورية الفقراء ” .
وأعلن كارل مار کس عن آرائه هذه عام 1847 في وثيقة معروفة باسم ” مانیفستو الشيوعيين “.
وشبت الثورة فعلا في كل من فرنسا وألمانيا سنة ۱۸۹۸ نتيجة تدهور اقتصادي وأزمة مالية ، ولكن الثورة خبت نارها في زمن وجيز .
وظل كارل ماركس بنتظر بقية عمره نشوب ثورة تحقق معها تنبؤاته ، وكان انتظاره عبثاً ، لأن شؤون المال منذ أن جلس يرقبها لبثت إلى اليوم تتطور من حسن إلى أحسن دون أن يصيبها سوء او انتكاس .
فلما كانت سنة ۱۹۱۷ نشبت ثورة صناعية وعمت روسيا بعد أن تكاتفت جهود جماعات شیوعية مختلفة ، وذلك عندما أشرفت الحرب العالمية الأولى على نهايتها. وخلع الكسندر کیرنسكي حكومة القيصر الاستبدادية .
ولما كانت هذه الثورة شيوعية فقد كتب ها البقاء إلى اليوم أكثر من أية ثورة أخرى . ولهذا وجب علينا أن ندرسها ونحصها .
ولنفرض أنك ذهبت تبتاع من الصيدليات قوارير كتب على كل منها اسم الدواء الذي تضمنها ، وأن الأسم كان عليها جميعا واحدا هو ” الشيوعية “فلابد أنك ستجد عند فتح كل قارورة مها محتويات تخالف محتویات غيرما في اللون أو المذاق أو الأمر الذي يتركه الدواء بعد تعاطيه . فإذا عدت إلى صيدلية منها وسالت عن إيضاح ذلك الفرق في التكوين بين دواء وآخر ، قيل لك أن هناك أدوية مختلفة تحمل اسم ” الشيوعية” فهناك الماركسية ، البولشفية ، السوفيلية ، الجماعية .
وهناك كذلك اللينينية ، والتروتسكية ، والاستالينية ؛ وكلها . شيوعية . .
ولكنها تختلف الواحدة عن الأخرى .
فمثلا يحمل أتباع تروتسكي كرها دفينا لأتباع ستالين ، على الرغم من أن كليهما يدعي أنه هو الفريق الحق الذي يسير على تعاليم کارل مارکس .
وفي كثير من الأحيان يشار إلى الماركسية كانها شیوعية ” نقية خاصة” أو” شرعية علمية” .
ويصور كارل مار کس الشيوعية لنا بأنها مجتمع متسار خال من الطبقات ، فلا عمال أو موظفون ولا أصحاب اعمال ، أي أنه لا وجود ولا عمل لمشروعات وأشغال فردية أو مشتركة كما هو معروف في أميركا ، بل تملك اجتماعي للثروة والعقارات . فلا تقسيم بين الأفراد بل ترکیز التملك . وأن الحكومة تفرض رقابتها على العمل و الإنتاج ولهذا فإن الحكومة تشرف أشرافاً كليًا على كل ما يتعلق بصناعة السلع المنتجة والبضائع ونقلها من المصنع أو المنجم أو الحقل وايصالها إلى أيدي المستهلكين .
وهذا النوع من الاشتراكية هو المعروف بالجماعية .
والبلشفية هي الهيئة أو الحركة التي أدارت ووجهت الثورة الشيوعية الروسية سنة ۱۹۱۷ .
ولفظة ( بلشفيك ) معناها الأكثرية ، واستخدمت وصفا لتلك الهيئة .
أما لفظة ( منشفيك ) فمعناها الأقلية .
لم تكن هناك علاقة ما بين هذين اللفظين والشعب الروسي ، بل أنها يشيران فقط إلى وجود قسمين داخل الحزب الشيوعي خلال الحرب العالمية الأولى .
وكان البلشفيك يقولون بوجوب استعمال العنف في محاولتهم إسقاط الحكومة القامة .. وقلبوا في الرأي على المنشفية الذين كانوا يريدون السير في هذه المحاولة بحذر ، ولهذا كانت ثورة ۱۹۱۷ كثيرا ما يطلق عليها . ثورة البلشفيك ..
والسوفيتية هي الدولاب السياسي في الحكومة الشيوعية .
والسوفييت عبارة عن جماعة أو هيئة من الشعب تتكون عادة من المال والفلاحين لا قاعدة جغرافية لها بل قاعدة صناعية أو تجارية . وكل جماعات من السوفييت يشتركون في مهنة واحدة يؤلفون سوفييتا أعلى، ومن هذه كلها يتكون اتحاد السوفييت المعروف .
أي أن السوفييت هي بمثابة ولاية في الدولة ولكنها ليست ولاية جغرافية .
ولا تملك جميع ولايات السوفیت قوة استقلالية وليس لها سادة مركزية ما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية . بل ان مهمة كل منها هي مجرد نقل التعليمات الواردة من الحكومة إلى الشعب ، وتكون مع ذلك وسيلة النقل افكار الشعب بأفراده وهيئاته إلى الحكومة المركزية العامة .
ولما استقرت الحال بعد الثورة البلشفية تألفت الحكومة برئاسة نيقولاي لينين ، وأطلق على القرارات واللوائح والسياسات التي وضعت موضع التنفيذ اسم اللينينية التي قامت على أصول كارل ماركس . ولكنها في الواقع تختلف عن تعاليمه الخالصة من عدة وجوه ، لأن لينين كان مضطر أن يقدم عدة وعود لكي تتماسك حكومته ويكتب لها البناء .
ومات لينين في سنة ۱۹۲4 .
و بموته انكشف للناس نبأ ذلك الخلاف الذي كان طي الكتان بين اثنين من كبار وزرائه هما ليون تروتسكي وجوزيف ستالين .
وكان تروتسكي يقول بأن مصالح الشيوعية تقضي بإشعال نار ثورة مماثلة في أرجاء العالم وأن الشيوعيين الروسيين يجب أن يكرسوا أنفسهم لهذه الغاية .
أما ستالين فقد كان يعتقد أن تقوية روسيا داخلياً بعد الثورة أهم بكثير من توزیع جهودها في العالم في ذلك الوقت .
وربح ستالين ، ونفي ترونسكي إلى الخارج . وفي سنة ۱۹4۰ عندما كان في المكسيك صرعه أحد أنصار ستالين وأرداه قتبد .
واسم هذا الأخير الذي كان معروفاً به قبل الثورة هو جوزيف فيساريونوفتش دزوجاشفيلي ، ولكن لينين اطلق عليه اسم ستالين أي “: رجل من الصلب” .
فممذهب ” الأستالينية ” وجد في روسيا منذ عام ۱۹۲4 ومعناه « شیوعية الرجل من الصلب “. وهي لا تمثل ” دکتاتورية الفقراء ” كما صورها کارل ماركس بل دكتاتورية فرد . ولقد مر هذا المذهب بعدة أطوار في الثلاث والعشرين سنة الأخيرة ، كان يتباعد في كل منها عن ” الشيوعية الماركسية ” ويختلف عنها في نواح كثيرة . بل أنه لم ينحج يوماً ما في اشناء مجتمع متساوي خاو من الطبقات .
فهناك مرات واسعة بين الأفراد في روسيا من الناحية الاقتصادية ، كما هو مشاهد في البلاد الرأسمالية .
وبدلا من اشتراك الفلاحين في تحديد سياسة الدولة ما هو واقع في الدول الرأسمالية ، فإن هذه السياسة تقرر بواسطة مجلس يضم كبار الوزراء . ويعرف هذا المجلس السياسي باسم د” بولیت بورو ” وأعظم أعضائه درجه هو ستالين . والحزب الشيوعي هو الحزب السياسي الوحيد . ومع ذلك فإنه لا يمثل الشعب الروسي أصدق تمثيل إذ بلغ عدد المشتركين فيه ستة ملايين عضو من سكان تعدادهم ۱۸۰ ملیوناً ، وهي كما ترى نسبة أنها ضئيلة .
وعند القيام بالانتخابات لا يسمع لأفراد الشعب الاختيار والمفاضلة بين الأحزاب المختلفة كما هو الحال في الدول الأخرى الديمقراطية والجمهورية ، بل انهم يعطون اصواتهم لحزب الحكومة وإلا فلا يسمح لهم بالانتخاب ، أما نقد ستالين أو الحكومة فامر محظور ، كما لا يسمح بعقد اجتماعات للاحتجاج على أمر ما. وكذلك الصحف المناهضة للشيوعية فليس لها وجود ، ولا حق لأحد في التقدم بظلامات أو شکاوی . ولا بمحاكم من يطعن في الحكومة أو ينتقدها ، بل لديهم ومسائلهم الخاصة في تأديبهم ومعاقبتهم .
وهكذا أصبحت الحكومة هناك أوتوقراطية ، الفرد فيها خاضع لها خضوعاً أعمى ، دون الاستمتاع بحق التظلم والشكوی .
وبدلا من تلك المزايا العظيمة التي مننوا الشعب بها وتنبأوا الحصول عليها عند التخلص من ربقة الرأسمالية وعبوديتها ، فإن العامل الروسي لا يملك في الناحية الاقتصادية الا حرية ضئيلة بعيش بها في مستوى منخفض من الحياة .
ولا يمكن التكهن بوصول العمال والمزارعين إلى مستوى ارفع ومزايا أحسن تحت نظام مذهب مار كس الخالص الحقيقي الذي لم يقم أحد باتباعه مطلقاً .
وهكذا ستظل أساطير كارل مارکس خيالية .
كفكرة يوتوبيا التي صورها افلاطون ، ونوماس مور ، وغيرهما.
وقد رأينا أن زعماء الشيوعية جميعاً يختلفون في تفسيره كما يختلفون في تطبيقها .
ولكنهم جمعياً يتفقون في ناحبة واحدة بما يحملون من عداء صريح لنظم المجتمع المنوعة .
ويقول “مانیفستو الشيوعيين ” أن أهداف الشيوعية يجب الوصول إليها عن طريق العنف وتحطيم نظم المجتمعات أيضاً .
وقد قال فريدريك أنجلز نصبر ماركس ويده اليمنى أن الشيوعية معناها ” تغییر اجتماعي شامل”.
وقال لينين ان الشيوعية يحب اقرارها :
بالقوة .
و بالمعارك الحربية .
وبالاضرابات العامة .
و باشعال نار الثورات .
ويقول وليم فورستر رئيس الحزب الشيوعي الأمريكي :
” و ان تأسيس الشيوعية يجب أن يتم بوضع قانون للثورة “..
فالشيوعية لا تعيش مع غيرها من المذاهب الأخرى في مجتمع واحد لانها تهدف إلى تدميرها لا إلى إصلاحها وتحسينها.
وهناك أمر جدير بالذكر حول هذه ( الشيوعية) تخالف فيه غيرها من المذاهب خلافاً شديداً بيناً .
ذلك أن انصارها والمؤمنين بها مصممون على نشرها في كافة أنحاء العالم ، وهم لا يطيقون مشاهدة الرأسمالية والمشروعات الفردية ، والحكومات الممثلة أصدق تمثيل ، أو حتى الاشتراكية المعقولة – تعيش وتنمو في أي م كان في العالم .
انهم يريدون نشر الشرعية في كل نواحي الأرض .
ووسيلتهم التي أعلنوها الوصول إلى هذا الهدف ليست محل اعتبار بل عليهم السعي اليه بالغاة ما بلغت تلك الوسيلة من القسوة والعنف أو المكر والخبث .