الفاشية
السلطات كلها مركزة في يد الدولة وكل شيء يجب ان يكون في صالحها .. ولا شيء يناهضها او يكون ضدها ، ويحكم الأمة حزب واحد رئیسه دیکتاتور الدولة.. ولا يصح ان تقوم معارضة .. لان الدولة فوق الجميع .
لقد اختفت الفاشية في الحرب العالمية الثانية .
وليس معنى هذا انه امكن التخلص منها نهائياً او أن الناس قد نسوها وأهملوا أمرها .
والفاشية أصبحت اليوم مرادفة لمعنى ” معول الدمار “.
والمظنون أن هناك فئة من الناس ما زالوا متعلقين بهذا المذهب .
وأصل كلمة” فاشیزم” ، مشتق من لفظ لاتيني معناه حزمة من العصي تتوج أحدها بلطة . وكان يحمل هذه الحزمة حجاب القضاة لإنزال العقوبة بالمذنبين ، أما بالضرب بالعصي أو قطع الرأس بالبلطة .
وأصبحت هذه الحزمة من العصي التي تعلو إحداها بلطة رمزا للسلطات .
وبهذا المعنى الذي استلهمه موسوليني منها اتخذه علماً ومذهباً على نظامه الجديد الذي أدخله في إيطاليا عام ۱۹۲۲ .
واتی هتلر بعد ذلك وقلد موسوليني وانشا النازية في المانيه عام ۱۹۳۳ .
ثم سار فرانكو في ركابهم وأسس الفلانجيه في اسبانيا عام ۱۹۳۹.
وهذه الأشكال الثلاثة للفاشية تختلف بعضها عن بعض تمام الاختلاف ، فمثلاً نرى الناس في ايطاليا واسبانيا يقدسون الدين ، أما في المانيا فلا يتمتع الدين بالحرمة التي يتمتع بها في كل من البلدين الأولين .
والوصف الرئيسي الذي يصح أن تعرف به الفاشية هر قول موسوليني فيها :
” السلطات كلها مركزة في يد الدولة ، وكل شيء يجب أن يكون في صالحها ولا شيء بناهضها أو يكون ضدها “.
واتباعا لهذا الوصف تكون. الفاشية قد بدأت نظریاً عند النقطة التي وصلت إليها الشيوعية عملياً : الأوتوقراطية والاستبداد .
فالدولة تقبض بيدها على جماع القوى في الأمة .
وعلى الفرد الخضوع والاستسلام.
بل عليه واجبات كثيرة نحو الدولة دون أن يكون له حقوق مماثلة .
وفي ظل النظامين الفاشي والشيوعي يصبع محرماً على الأهلين :
حرية القول .
حرية الاجتماع .
حرية الصحافة .
حرية الانتخاب .
حرية تكوين النقابات العالية .
حرية التفكير في المشروعات الخاصة .
المحاكمة أمام القضاء العادي .
مصاحبة الغير ومصادقتهم .
وتدعي الفاشية انها انها تشجيع المشروعات الخاصة ، ولكنها في الحقيقة لا تسمح بذلك إلا إذا كانت يد الحكومة قابضة عليها .
والفاشية تهزأ بالسلم العام .
وتندد بمبدأ الأخوة بين الانسان واخيه الانسان .
وتسخر بحرمة الانسان .
والفاشية تسخر كذلك من الديمقراطية ، وتتجاهل الحكومات البرلمانية ، وتصدر قوانينها في لوائح ومراسيم . ويصبح التعصب في ظل النظام الفاشي فضيلة .
والفاشية بأقسامها تقتل المعارضة لأن نظامها يقضي بأن يطيع الجميع دیکتاتورهم الذي يتشبث بكرسيه منذ أن يجلس عليه لأول مرة حتى يخلدوه عليه لو استطاعوا . ومعنى هذا ابتکار وسائل جديدة استبدادية للكبت ، و” لتصفية ” المعارضة ، وقيام حرکات و تطهير ، داخلية ، واخضاع الأمة في عنف وقسوة .
وعلى المواطن أن يختار بين الطاعة والولاء وبين الموت أو معسكرات الاعتقال .
فالخضوع للدكتاتورية أمر سهل میسور ، إذا نظرنا إلى أن نقده ومعارضته أمر منکر خطر فظيع.
أما إخضاع الديكتاتور نفسه فلا يتم إلا بالقسوة والعنف وهذا هو المعنى الختامي للفاشية .
كما يبدو لنا في الموسوليني وهتلر وفي نهايتها بصورة موت قاس فظيع.
نقلاً من كتاب معجم المذاهب السياسية لمارتن دودج ( اعرف مذهبك)