من هي الماتريدية ماهي هي عقيدتهم في الاسلام؟

 الماتريدية

الماتريدية: Almatridip

فرقة كلامية، تنسب إلى أبي منصور الماتریدي، قامت على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في محاججة خصومها من المعتزلة والجهمية وغيرهم، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية.

لم تعرف بهذا الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها، وقد اتسمت مرحلة التأسيس بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة هو أبو منصور الماتریدي ( ت ۳۳۳هـ)، نسبة إلى (ماترید) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر، ولد بها ولا يعرف على وجه اليقين تاریخ مولده، أو كيف نشأ وتعلم، ولم يذكروا من شيوخه إلا العدد القليل مثل: نصير بن يحيى البلخي، وقيل نصر وتلقى عنه علوم الفقه الحنفي و علوم المتكلمين.

قال عبد الله المرائي في كتاب الفتح المبين في طبقات الأصوليين: “كان أبو منصور قوى الحجة ، فحماً في الخصومة، دافع عن عقائد المسلمين، ورد شبهات الملحدين …’. وقال عنه الشيخ أبو الحسن الندوي في كتاب رجال الفكر والدعوة جهبذ من جهابذة الفكر الإنساني، امتاز بالذكاء والنبوغ وحذق الفنون العلمية المختلفة.

عاصر أبا الحسن الأشعري، وعاش الملحمة بين أهل الحديث وأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم, فكانت له جولاته ضد المعتزلة وغيرهم، ولكن بمنهاج غير منهاج الأشعري، وإن التقيا في كثير من النتائج غير أن المصادر التاريخية لا تثبت لهما لقاء أو مراسلات بينهما، أو اطلاع على كتب بعضها.

توفي عام ۳۳۳هـ ودفن بسمرقند، وله مؤلفات كثيرة في أصول الفقه والتفسير ومن أشهرها: تأويلات أهل السنة أو تأويلات القرآن وفيه نصوص القرآن الكريم، ولا سيما آیات الصفات، فأولها تأويلات جهمية.

ومن أشهر كتبه في علم الكلام كتاب التوحید وفيه قرر نظرياته الكلامية، وبين معتقده في أهم المسائل الاعتقادية .

 يقصد بالتوحيد: توحيد الخالقية والربوبية، وشيء من توحيد الأسماء والصفات، ولكن على طريقة الجهمية بتعطيل كثير من الصفات بحجة التنزيه ونفی التشبيه، مخالفاً طريقة السلف الصالح.

كما ينسب إليه شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة، وله في الردود على المعتزلة رد الأصول الخمسة وأيضاً في الرد على الروافض رد کتاب الإمامة لبعض الروافض، وفي الرد على القرامطة الرد على فروع القرامطة.

ثم جاءت مرحلة تلاميذ الماتریدي ومن تأثر به من بعده، وفيها عملوا على نشر أفكار شيخهم وإمامهم، ودافعوا عنها، وصنفوا التصانیف متبعین مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع (الأحكام)، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها.

 ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة : أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندی (۳۶۲هـ) عرف بأبي القاسم الحكيم لكثرة حكمه ومواعظه، وأبو محمد عبد الكريم بن موسی بن عيسى البزدوی (۳۹۰هـ).

ثم كانت مرحلة التوسع والانتشار (۷۰۰ – ۱۳۰۰ هـ)، وتعد من أهم مراحل الماتريدية حيث بلغت أوج توسعها وانتشارها في هذه المرحلة؛ وما ذلك إلا المناصرة سلاطين الدولة العثمانية، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية، فانتشرت في شرق الأرض وغربها، وبلاد العرب، والعجم، والهند والترك، وفارس، والروم.

 وبرز فيها أمثال: الكمال بن الهمام صاحب المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة، والذي ما زال يدرس في بعض الجامعات الإسلامية.

 وفي هذا الدور كثرت فيها تأليف الكتب الكلامية من: المتون، والشروح على الشروح، والحواشي على شروح.

وهناك مدراس مازالت تتبنى الدعوة للماتريدية في شبه القارة الهندية أهمها : مدرسة الكوثري وتنسب للشيخ محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتریدي  (۱۳۷۱ هـ) ويظهر فيها شدة الطعن في أئمة الإسلام ولعنهم، وجعلهم مجسمة ومشبهة، وجعل كتب السلف ككتب: التوحيد، الإبانة، الشريعة، والصفات ، والعلو، وغيرها كتب أئمة السنة كتب وثنية وتجسيم وتشبيه، كما يظهر فيها أيضا شدة الدعوة إلى البدع الشركية وللتصوف من تعظيم القبور والمقبورين تحت ستار التوسل.

قسم الماتريدية أصول الدين حسب التلقي إلى:

 الإلهيات (العقليات): وهي ما يستقل العقل بإثباتها والنقل تابع له، وتشمل أبواب التوحيد والصفات .

الشرعيات (السمعيات) : وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوا ونفيا، ولا طريق للعقل إليها مثل : النبوات، وعذاب القبر، وأمور الآخرة، علما بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات . أحاديث الآحاد عندهم تفيد الظن، ولا تفيد العلم اليقيني، ولا يعمل بها في الأحكام الشرعية مطلقا، بل وفق قواعدهم وأصولهم التي قرروها،

وأما في العقائد فإنه لا يحتج بها، ولا تثبت بها عقيدة ، وإن اشتملت على جميع الشروط المذكورة في أصول الفقه، وإن كانت ظاهرة فظاهرها غير مراد، وهذا موقف الماتريدية قديماً وحديثاً؛ حتى أن الكوثري ومن وافقه طعنوا في كتب السنة بما فيها الصحيحين، وفي عقيدة أئمة السنة مثل : حماد بن سلمة راوي أحاديث الصفات، والإمام الدارمي عثمان بن سعید صاحب السنن.

 وهذا مخالف لفعل النبي ، حيث كان يبعث الرسل إلى الملوك والرؤساء فرادى بدعوتهم إلى الإسلام.

وكذلك فإن تقسيم ما ورد عن النبي ي إلى متواتر و آحاد لم يكن معروفا في عصر الصحابة والتابعين .

ومفهوم التوحيد عند الماتريدية هو: إثبات أن الله تعالی واحد في ذاته، لا قسيم له، ولا جزء له، واحد في صفاته، لا شبيه له، واحد في أفعاله، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات، ولذلك بذلوا غاية جهدهم في إثبات هذا النوع من التوحيد باعتبار أن الإله عندهم هو: القادر على الاختراع , مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية، مثل دلیل  حدوث الجواهر والأعراض، وهي أدلة طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم وأساطين الكلام والفلسفة وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن أصح بين ذلك أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر، وابن رشد الحفيد في مناهج الأدلة, وشيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل.

وأيضا خالفوا أهل السنة والجماعة بتسويتهم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، فالإله عند أهل السنة: المألوه المعبود الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، وما أرسلت الرسل إلا لتقرير ذلك الأمر، ودعوة البشرية إلى توحيد الله تعالى في ربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته. الإيمان عندهم التصديق بالقلب فقط، وأضاف بعضهم الإقرار باللسان، ومنعوا زیادنه ونقصانه، وأن الإسلام والإيمان مترادفان، لا فرق بينهما ، فوافقوا المرجئة في ذلك، وخالفوا أهل السنة والجماعة.

Scroll to Top