يصف الناس الشيئ المستحيل بعبارة ( هذا من رابع المستحيلات ) اشارة الى القول العربي المعروف أن المستحيلات الثلاثةهي الغول والعنقاء والخل الوفي . والتي تعني عدم وجودها سابقا أو لاحقا.
وسنورد تباعا فيما يلي أثباتات من التاريخ على عدم استحالة وجودها فعلا على مدى الاتاريخ الطويل .
أولا : الغول :
– الكثير الكثير من العرب كان يخيفون أولادهم وخاصة عند النوم بقولهم ( ستأتيك الغولة ) أو ( ستأكلك الغولة ) اذا من أين أتى العرب بهذا الاسم اذا لم يكن موجودا .
نورد ماورد في كتاب مروج الذهب، ومعادن الجوهر لمؤلفه أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي عام ( 957 م) ما يلي :
العرب يزعمون أن الغول يتغول لهم فيِ الخلوات، ويظهر لخواصهم في أنواع من الصور، فيخاطبونها، وربما ضيَّفوها، وقد أكثروا من ذلك في أشعارهم: فمنها قول تأبط شرأ:
وأدهم قد جُبْت جلـبـابـه كما آجتابت الكاعب الخيعلا
على إثر نارٍ يَنُـور بـهـا فبتُّ لها مدبِرا ًمـقـبـلا
فأصبحْتُ والغول لي جارة فياجارتي أنت مـا أهْـوَل
وطالبتها بُضَعهَا فالـتـوت بوجه تغول فاسـتـغـولا
فمن كان يسأل عن جَارتـي فإن لها باللِّـوَى مـنـزلا
ويزعمون أن رجليها رجلا عنز، وكانوا إذا اعترضتهم الغول في الفيافي يرتجزون ويقولون: يارجل عنز آنْهَقِي نـيقـا لن نترك السبب والطريقا .
الغول تتلون وتضلل:
وذلك أنها كانت تتراءى لهم في الليالي وأوقات الخلوات، فيتوهمون أنها إنسان فيتبعونها، فتزيلهم عن الطريق التي هم عليها، وتتيههم. وكان ذلك قد اشتهر عندهم وعرفوه، فلم يكونوا يزولون عما كانوا عليه من القَصْد فإذا صيح بها على ما وصفنا شردت عنهم في بطون الأودية ورؤوس الجبال.
وقد ذكر جماعة من الصحابة ذلك: منهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه أنه شاهد ذلك في بعض أسفاره إلى الشام، وأن الغول كانت تتغول له، وأنه ضر بها بسيفه، وذلك قبل ظهور الإسلام، وهذا مشهور عندهم في أخبارهم.
رأي الفلاسفة
وقد حكي عن بعض المتفلسفين أن الغول حيوان شاذ من جنس الحيوان مُشَوّهً لم تحكمه الطبيعة، وأنه لما خرج منفرداً في نفسه وهيئته توحَش من مسكنه، فطلب القفار، وهو يناسب الإِنسان والحيوان البهيمي في الشكل.
وقد ذهبت طائفة من الهند إلى أن ذلك إنما يظهر من فعل ما كان غائباً من الكواكب عند طلوعها، مثل الكوكب المعروف بكلب الجبار، وهي: الشَعْرَى االْعَبُور، وأن ذلك يحدث داء في الكلاب، وسهيل في الحمل والذئب في الدب وحامل رأس الغول يحدث عند طلوعه تماثيل وأشخاص تظهر في الصحاري، وغيرها من العامر والخرائب، فتسمية عوام الناس غولاً، وهي ثمانية وأربعون كوكباً، وقد ذكرها بطليموس وغيره ممن تقدم وتأخر، وقد وصف ذلك أبو معشر في كتابه المعروف بالمدخل الكبير إلى علم النجوم وذكر كيفية صورة كل كوكب عند ظهوره في أنواع مختلفة.
وزعمت طائفة من الناس أن الغول اسم لكل شيء يعرض للسُّفَار، ويتمثل في ضروب من الصور، ذكراً كان أو أنثى، إلا أن اكثر هم كل أمه م على أنه أنثى، وقد قال أبو المطراب، عبيد بن أيوب العنبري:
وحالفني الوحوش على الوفاء وتحت عهودهن وَبَا البعـاد
وغولا قفرة ذكراً وأنـثـى كأن عليهما قطع النـجـاد
وقال آخر وهو كعب بن زهير الصحابي: فما تَحُومُ على حال تكون بها كما تَلًؤنُ في أثوابها الغولُ .
وقد قدمنا ذكر ذلك فيما سلف من كتبنا في هذا المعنى، وأن كل كوكب من هذه يظهر في صورة مخالفة لما تقدمه من الصور يحدث في هذا العالم نوعاً من الأفعال لم ينفرد يفعله غيره من الكواكب.
وكانت العرب قبل الإسلام تزعم أن الغيلان توقد بالليل النيران للعبث والتخيل، واختلال السابلة أي عابري السبيل .
ثانيا : العنقاء :
يقصد بالعنق هو السرعة اشارة الى أنها كانت طائرا سريعا .
نورد ماورد في كتاب مروج الذهب، ومعادن الجوهر لمؤلفه أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي عام ( 957 م) ما يلي :
– ورد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اللّه خلق طائراً في الزمان الأول من أحسن الطير، وجعل فيه من كل حسْن قسطاً، وخلق وجهه على مثال وجوه الناس، وكان في أجنحته كل لون حُسَنٍ من الريش، وخلق له أربعة أجنحة من كل جانب منه، وخلق له يدين فيهما مخالب، وله منقار على صفة منقار العُقَاب غليظ الأصل، وجعل له أنثى على مثاله، وسماها بالعنقاء، وأوحىِ الله تعالى إلى موسى بن عمران: إني خلقت طائراً عجيباً خلقته ذكراَ وأنثى، وجعلت رزقه في وحش بيت المقدس، وآنستك بهما ليكونا مما فضلت به بني إسرائيل، فلم يزالا يتناسلان حتى كثر نسلهما، وأدخل الله موسى وبني إسرائيل في التيه فمكثوا فيه أربعين سنة حتى مات موسى وهرون في التيه وجميع من كان مع موسى من بني إسرائيل، وكانوا ستمائة ألف، وَخَلَفَهم نسلُهم في التيه، ثم أخرجهم الله تعالى من التيه مع يوشع بن نون تلميذ موسى ووصيه، فانتقل ذلك الطائر فوقع بنجد والحجاز في بلاد قيس عَيْلاَن، ولم يزل هنالك يأكل من الوحوش ويأكل الصبيان وغير ذلك من البهائم إلى أن ظهر نبي من بني عبس بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم يقال له خالد بن سنان، فشكا إليه الناس ما كانت العنقاء تفعل بالصبيان، فدعا الله عليها أن يقطع نسلها فقطع الله نسلها فبقيت صورتها تحكي في البُسُطِ وغير ذلك.
وقد ذهب جماعة من ذوي الروايات إلى أن قول الناس في أمثالهم عنقاء مُغْرب إنما هو للأمر العجيب النادر وقوعه، وقولهم جاء فلان بعنقاء مُغْرِب يريدون أنه جاء بأمر عجيب، قال شاعرهم: وَصًبّحَهم بالجيش عنقاء مُغْرِب . انتهى كلام المؤلف
ثالثا : الخل الوفي :
ويقصد به الصديق الصدوق الذي لا يخزنك ويلبي طلبك دائما ويكون عند حسن ظنك , ان العرب وان نفوا وجود الصديق الصدوق.
الا أن أنه موجود وهو صديق رسول الله محمد أبو بكر الصديق وسمي صديقا لأنه صدق رسول الله ولم يخالفه في شيئ.
ومما يؤكد وفاءه لرسول الله وصدقه معه هو أنه ذكر في القرآن ونحن نعلم أن الله عندما يعطي صفة لشيئ ما فهو حقا كذلك حيث ورد في الأية (40 ) من سورة التوبة:
( إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم )
– الأن ماهو ردك على الشخص الذي سيقول لك هذا من رابع المستحيلات ؟