الإسينيين: Essenes
يمثل الأسينيون ثالث فرقة يهودية كبرى. ظهرت هذه الفرقة قبل قرنين من میلاد المسيح، وهي تتسم بالغموض.
ويذكر أن ما أكتشف من آثار بقرب البحر الميت عام (۱۹۹۷م) هي من آثارهم، وقد كشفت هذه الآثار اللثام عن بعض الغموض الذي كان يكتنف هذه الفرقة.
ويرجع أصل التسمية إلى كلمة “أسيوي أي الشافي؛ لأنهم يسعون إلى شفاء نفوسهم، وقيل إلى ” أسيوي أي القديسين .
ذكرت بعض المعلومات عنها في أعمال بعض كتاب القرن الأول الميلادی مثل : يوسيفوس فلافيوس وبليني الكبير وفيلو السكندری.
هذه الفرقة تحرم الملكية الفردية، ويتميزون باهتمامهم النشيط بالإنتاج الأدبي، وتحرم الزواج وندعو إلى التبتل.
وهم بذلك يخالفون الفرق اليهودية الأخرى التي ترى أن الزواج واجب ديني لكل قادر عليه، ويؤمنون بمجيء المسيح، وهو غير المسيح عيسى بن مريم – عليه السلام –
كما أنهم يؤمنون بالقضاء والقدر وبأن الله هو المتصرف في كل شيء، يؤمنون بالتوراة المتمثلة في أسفار موسی الخمسة فقط.
ويعتقدون ببطلان ما عداها، ويستقلون في شعائرهم عن شعائر اليهود.
شأنهم شأن الصدوقيين وبعض الفرق الأخرى التي لم يكن لها من الوجود سوى الاسم فقط، وقد انقرضت بعد تدمير بيت المقدس.
وقد كتب بليني الكبير (عالم روماني) أنهم عاشوا في عزلة عن الشعوب الأخرى، كما لم يكن هناك وجود للنساء بسبب رفضهم للحب الجسدی، علاوة على أنهم لم يستعملوا النقود، فقد كانت مجتمعات منغلقة على ذاتها وكان من الصعب الانضمام إليها.
وقد أدى أفراد هذه الطائفة دورا نشيطاً في الانتفاضات ضد الإمبراطورية الرومانية التي وقعت في يهوديا في الفترة من (66 – ۷۳) ميلادية، وكان من نتيجتها – حسب فلافيوس – قيام الرومان بتعذيب أسراهم تعذيباً وحشیاً .
تتكون هذه الفرقة من رجال بالغوا في النظافة حتى أنهم اشتهروا بالمتطهرين لكثرة ولعهم بالنظافة والغسل بالماء، ولهذا بدءوا التعميد بالماء في الأردن ولم برد التعميد بالماء في أسفار موسی الخمسة، وكان التعميد معروفاً بين أفراد هذه الفرقة، حتى أن الفريسييون لم ينكروا تعميد يسوع في حين أنكروا عليه امورا أخرى.
أعضاء الفرقة يقدسون السبت، ويؤدون الصلاة، يعتقدون بخلود الروح ويوم القيامة.
تأثروا بآراء البراهمة والبوذيين والفيثاغورثين التي كانت منتشرة في فلسطين ملتقى طرق التجارة العالمية في القرن الأول ق.م، كما آمنوا بیسوع على أنه أحد أنبياء بني إسرائيل؛ لأنهم كانوا ينتظرون نزول المسيح لينشئ على الأرض ملكوت السموات ويحقق السلام بين البشر .
يؤمنون بالسعادة بعد الموت، ولكنهم كانوا يشكون في قيامة الجسد. كان لهم تنظیم دقیق، ففي كل دار من دورهم التي يعيشون فيها حياتهم الجماعية،
رئيس يعظمونه ويطيعونه، وكل فرد من أفراد الطائفة له مكان في الترتيب الهرمی المجتمعهم، لا يجوز له أن يتعداه حتى بالكلام.
احتقروا المال، ومن ثم حرموا الاشتغال بالتجارة لما تبعثه في النفوس من جشع وحرص على جمع المال، وابتزاز الناس، كما حرموا صناعة الأسلحة والذخيرة وسائر آلات الحرب لتنافر الغاية التي تقصد من هذه الصناعات مع أهم مبادئهم، وهو أن يعيش الناس في سلام دائم .