قال: كان عبد العزيز بن مروان عاملًا على مصر لأخيه عبد الملك بن مروان.
فأتاه رجل متنصح، فسأله عن نصحه، فقال: بالقبة الفلانية كنز عظيم،
قال عبد العزيز: وما مِصْدَاق ذلك.
قال: هو أن يظهر لنا بلاط من المرمر والرخام عند يسير من الحفر، ثم ينتهي بنا الحفر إلى قلع باب من الصُّفر، تحته عمود من الذهب علىِ أعلاه ديك من الذهب عيناه ياقوتتان تساويان ملك الدنيا وجناحاه مُضرجان بالياقوت والزمرد، بَزَاثنُه على صفائح من الذهب على أعلى ذلك العمود،
فأمر له عبد العزيز بنفقه ألوف من الدنانير لأجرة من يحفر من الرجال في ذلك ويعمل فيه،
وكان هنالك تل عظيم، فاحتفروا حفرة عظيمة في الأرض، والدلائل المقدم ذكرها من الرخام والمرمر تظهر، فازداد عبد العزيز حرصاً على ذلك، وأوسعَ في النفقة، وكثر من الرجال،
ثم انتهوا في حفرهم إلى ظهور رأس الديك، فبرق عند ظهوره لمعان عظيم كالبرق الخاطف لما في عينيه من الياقوت وشدة نوره ولمعان ضيائه، ثم بانت قوائمه،
وظهر حول العمود عمود من البنيان بأنواع من الأحجار والرخام، وقناطر مقنطرة، وطاقات على أبواب معقودة،
ولاحت منها تماثيل وصور أشخاص من أنواع الصور والذهب وأجْرِبَة من الأحجار قد أطبقت عليها أغطيتها وشبكت، وقيد ذلك بأعمدة الذهب.
فركب عبد العزيز بن مروان حتى أشرف على الموضع، فنظر إلى ما ظهر من ذلك، فأسرع بعضهم فوضع قدمه على درجة منسبكة من نحاس تنتهي إلى ما هنالك،
فلما استقرت قدمه على المرقاة الرابعة ظهر سيفان عظيمان عاديان عن يمين المرجة وشمالها، فالتفتا على الرجل.، فلم يدْرَكْ حتى جزآه قطعاً وهوى جسمه سفلًا،
فلما استقر جسمه على بعض المرج اختز العمود وصفر الديك تصفيراً عجيباً سمعه مَنْ كان بالبعد من هنالك، وحرك جناحيه فظهرت من تحته أصوات عجيبة،
وقد عملت باللَّوَالب والحركات، إذا ما وقع على بعض تلك المرج شيء أو ماسها تهافت من هنالك من الرجال إلى أسفل تلك الحفيرة،
وكان ممن يحفر ويعمل وينقل التراب ويبصر ويتحرك ويأمر وينهى نحو ألف رجل، فهلكوا جميعأ،
فجزع عبد العزيز، وقال: هذا ردم عجيب الأمر ممنوع النَيْل، نعوذ بالله منه!
وأمر جماعة من الناس فطرحوا ما أخرج من التراب على مَنْ هلك من الناس، فكان الموضع قبراً لهم.