عشيرة الأحسنة ومنازلهم وفرقهم ولواحقهم في محافظة حمص

عشيرة الأحسنة ومنازلهم وفرقهم ولواحقهم في محافظة حمص

الأحسنة

عشيرة عنزية صغيرة من ضنا مسلم وبطن الوهب وفخذ المنابهة ، فهم بذلك أبناء أعمام الروالة والمحلف وأشقاء الولد علي ، الذين يؤلفون كما قدمنا الفخذ الثاني من بطن الوهب ، ومن ثم كانت الأحسنة على أحسن الصلات وأمتنها مع أقاربها هؤلاء .

وأفخاذ الوهب وعشائره يتمرجحون بين نجد والشام ، وكثرتهم الغالبة اليوم في المملكة العربية السعودية ، وكما غلبت في بلاد الشام عشيرة الروالة على جميع الأسماء التي هي من بطن الجلاس ، كذلك غلبت عشيرة الأحسنة على جميع الأسماء التي هي من بطن الوهب ، فصارت الناس تقول عن ضنا مسلم أنهم فرعان : الروالة والأحسنة . لكنهم حينما يبدؤون في التفريع والتفخیذ يحسبون في حسابهم الفروع الأخرى .

وفخذ المنابهة الذي منه الأحسنة ، قد نزح بعض فرقه إلى نجد منذ سنين كالصقرة والقراشة والهيشة ، وبعض فرقه لم يأت إلى بلاد الشام بتاتا الفقراء الذين يعدون هم والأيدة عنزة شمالي الحجاز .

وعشيرة الأحسنة على قلة عددها وقصر ثروتها، وانصرافها للاستقرار والتحضر وامتلاك القرى والأرضين قرب مدينة حمص ، لا تزال تعد من أجل عنزة قدرة ورهبة جانب ، ذلك لما لها في المعارك السابقة من الصفحات الخالدة ، ولأن رؤساءها ( آل ملحم ) کرماء المحتد وذوو ماض مجيد في الفروسية ، ومقام علي بين بيوتات عنزة ، كما ذكرته الليدي بلانت الإنكليزية في سنة ۱۲۹۷ هـ ، وأيده المقدم مولر الفرنسي على ما ذكرناه سابقة ، لا سيما وأن جلالة الملك عبد العزيز آل سعود هو من فرقة المساليخ من الأحسنة ، وهو يجل قدر الوافدين عليه منهم .

والأحسنة في رأي المحققين هم مع الولد علي السابقون الأولون في القدوم إلى بلاد الشام بين عنزة كلها ، وقد قدمنا الكلام على كيفية خروجهم من شمالي الحجاز في أواسطہ القرن الحادي عشر ، وكيف أغاروا في طريقهم على الجوف ، ودحروا عشيرة السرحان وأنصارها من بني صخر وتدبروا الجوف مدة ، ولما لم يكفهم ، زحفوا شمالاً نحو مشارف الشام فاجتازوا وادي السرحان وبلغوا مشارق عجلون وحوران فنازعتهم عشائرها القديمة ( أهل الشمال ) التي تكلمنا عنها ، لكنهم تقووا عليها وفازوا ، وشقت الولد علي لنفسها طريقا إلى الجولان ، واستقرت فيه ، أما الأحسنة فقد استأنفت الزحف ، وبلغت ديرة الشنبل مشارق حمص وحماه ، فقاومتها عشيرة الموالي ، فما زالت تقارعها حتى أبعدتها نحو كورة العلا ، بعد أن كانت سيدة هذه الديرة منذ قرون ، ثم قارعت بعدها عشائر شمر الوافدة من نجد، وما زالت بها حتى حملت هذه أيضا على عبور الفرات والابتعاد إلى الجزيرة كما ذكرناه في بحث شمر ، ومن ثم وطدت الأحسنة أقدامها في براري حمص وحماه ، وفرضت السيطرة والقوة على قراها وقوافلها إلى أن وفدت بقية عنزة من ضنأ بشر ( الفدعان والأسبعة والعبارات ) في أوائل القرن الثالث عشر ، فنازعتها القوة والعزة المذكورتين وأضعفتها كثيرا حتى أضاعت عطفتها لما هاجمتها مرة جموع مشتركة من الفدعان والموالي ، بحيث لم يبق في حدود سنة ۱۲۹۷ ه في عهد السلطان عبد المجيد حول الشيوخ آل ملحم إلا أفخاذ وأعداد قليلة ، ومن ثم صارت الأحسنة تلحق الروالة ، وتسير تحت لوائها ، وتتبع سياستها .

وقد ذكرها برکهارت في رحلته سنة ۱۲۲4 هـ. فيما قاله :

« هم أقل عشائر عنزة عددة ، ويتألفون من فرعين ، الأول الأحسنة الأصليين ، وشيخ هذا الفرع مهنا ، ينزل البادية عادة شرقي طريق دمشق – حمص ، إن شجاعة الأحسنة وكرمها وقراها الضيف مما يضرب به المثل ، وفرق هذا الفرع العويمر والرفاصجة والمهينات والهداج والشراعبة والشمسي وهم أنبل الأحسنة طرأ ،

ويقال : أن البدوي من هؤلاء الشمسي حائز على كل مناقب البداوة الحسنة ، والفرع الثاني المساليخ يتبعون لواء المهنا ويعدون من حواشيهم ، وإن كانوا أكثر عدداً ، وفرقهم بني رشود وبني طليحات والبلسان والسالك واللهتمي ،

ويقال : أن الأحسنة كانت عشيرة واحدة ثم تجزأت بين أخين ، إن الأحسنة والمساليخ يأخذون أتاوات من القوافل المارة من الشام إلى العراق ، كما يأخذون خوات من القرى المتطرفة » . انتهى ما قاله بر کهارت قبل نحو قرن ونصف .

وذكر الأحسنة أيضا محمد البسام في كتابه فقال :

« ومن عنزة آل فاضل ذوو البراز والتناضل ، وهؤلاء هم حکام عنزة سابقا، ويعرفون بالأحسنة »

وجاء ذكر الأحسنة في حوران سنة ۱۱۹۳ هـ في مقال عن جبل عامل بحثنا عنه سابقاً في فصل تاریخ عنزة ، وكيف ردت الجموع المتألبة عليها من متاولة وسردية وصخور وصقور، وكانت هذه المعركة بقيادة فاضل المزيد ، وجاء ذكرها أيضا في تاریخ حیدر الشهابي في بحث مشاركة مهنا الفاضل في سنة ۱۲۳۰ هـ جيش والي دمشق سليمان باشا السلحدار ، في هجومه على الفدعان وغيرها من عشائر عنزة القادمة إذ ذاك من نجد إلى دیار سلمية وحلب كما نقلناه في بحث عشيرة الفدعان ، قيل : إن الذين ترأسوا الأحسنة منذ أن جاؤوا بلاد الشام هم : فاضل وعبد الله الفاضل وجديع القبلان المعروف بأخي مودي ومهنا وناصر ومحمود ومزید وفارس وملحم ومحمد وسعود وفندي وطراد وثامر .

وجاء ذكر الأحسنة أيضا في ( مجموعة المحررات السياسية في سوريا ولبنان ) ما خلاصته ؛

أنه في حدود سنة ۱۲۷۵ هـ. قام فارس المزيد رئيس الأحسنة النازلة حول القريتين ونزع إلى الثورة ، ولطالما كان على خلاف مع الحكومة العثمانية ، فجاء إلى دمشق للصلح ، فلما أحس منها رغبة القبض عليه انسل من دمشق خفية وجاهر بالعصيان ، إلخ ..

هذا وتاريخ الأحسنة طافح بأخبار المعارك بينها وبين شمر ، ثم الفدعان والأسبعة ثم الروالة ، وعلى الأخص بينها وبين الموالي ألد أعدائها ، وهي قد ظلت تقارع الجميع وتبزهم في أكثر الأحيان ، ومن وقائعها التي تتناقلها الألسن تلك التي حدثت بينها وبين الموالي خلال سني ۱۲۸۰ – ۱۲۹۰ هـ ، غزاهم فيها أمير الموالي أحمد بك ، وكان قصده اختطاف فتاة منهم اسمها ( حربة المزيد ) فردوه على قلة عددهم ، وقتلوه ودفنوه في بيت أحدهم الشيخ ملحم الفارس ، ولشعراء العشيرتين قصائد يفاخر بعضهم بعضا بها .

وقد أدت تلك الوقائع المتكررة إلى ضعف الأحسنة منذ سنة ۱۲۰۰ هـ ، وتناقص عددها الذي هو الأقل في كل عنزة منذ القديم ، واضطرت إلى أن تعزف عن البداوة ، وتنصرف نحو الحضارة ، فتملکت عدة قرى أو ضییعات شرقي حمص ، كالشيخ حميد والبوير وبرزة والمزرعة والجاسمية ، وصارت تحرث وتزرع ، على أنه لا يزال كثيرها يقيم في بيوت شعر ، وقليلها في بيوت المدن .

ومن رؤساء الأحسنة القدماء عبد الله الفاضل المشهور ، صاحب القصائد والمقطوعات التي يفخر بها بقومه على الناس ، ويشكو في بعضها الزمن حتى ضرب المثل به .

وخلال الحرب العامة الأولى أعدم الترك الشيخ محمد الملحم ، وقالوا : إن ذلك لشقاوته ونزواته العديدة ، وقال المرحوم الشيخ طراد : إن سبب الإعدام هو عزم محمد الملحم على اللحاق بالأمير فيصل بن الحسين حينما نهض بالثورة العربية ، فعلمت الحكومة التركية بذلك ، فألقت القبض عليه وصلبته .

وكان الشيخ محمد الملحم المذكور من الفرسان المغاوير ، تحدث عنه اسکندر یوسف الحايك اللبناني مؤلف كتاب ( رحلة في البادية ) ، وقد لاقاه في براري القريتين في نیسان سنة 1914 م ولبى دعوته إلى مضارب عشيرته ، فيما قاله في وصف هذا الشيخ وعشيرته الأحسنة :

« وكنت لاحظت بأن بالشيخ عرجا فسألته عن سبب ذلك ، فأجابني قائلا : قتل والدي ، وكنت صغيراً قاصراً ، فانتقلت مشيخة عشيرتنا إلى عمي ، ثم اتفق أن قتل عمي ، فأراد أولاده أن يستأثروا بالمشيخة وكنت أولى بها منهم ، فتنازعنا وتحاربنا ، ولكني تغلبت عليهم في آخر الأمر ، وفي خلال المعارك التي دارت بيننا أصبت بضربة سيف في رجلي ، كانت سبباً لعرجي ، ولما كانت الوسائل الطبية والصحية بعيدة المنال في هذه الفيافي ، لم يتسن لي أن أتعالج فبقيت على ما ترى ، قلت : وماذا فعلت بأبناء عمك بعد انتصارك عليهم ؟ قال : تركتهم وشأنهم ، حافظاً كرامتهم ساهراً على راحتهم كل السهر ، وهم الآن يعيشون معي ، لا حقد بيننا ولا ضغينة ، يعترفون لي بالمشيخة ، خاضعين الأحكامي نظير كل فرد من أفراد العشيرة ، ولا تعجب إذا قلت أنهم من أشد أعواني غيرة علي وحبابي ، قلت : ألا تخشى غدرهم ؟ قال : حاشا وكلا ، إنما نحن عرب لا يغدر أحدنا بالآخر ، وإذا شاء أعرابي منا أن يحارب أعرابياً مثله حاربه علانية ، وأخطره قبل ذلك مراراً طالباً منه مطالب إذا رفضها وقعت بينهما الواقعة ، وإلى الآن لم يحدث في عشيرتنا ما يشتم منه رائحة الخيانة ، وما الخيانة إلا دأب الجبناء ، وليس جبان بين أبناء عمي ، فإنهم بأجمعهم بواسل شجعان ، ذوو نفوس عالية وأخلاق أبية ، وما زال الشيخ يحدثنا بالأحاديث اللذيذة إلى أن انتهينا إلى مضارب العشيرة ، وقد استقبلنا كوكبة من الفرسان ، بأهازيج الطرب وأناشيد الفرح ، قائلين : ( تشریفشم غالي شتير ) أعني : تشريفكم غالي كثير ، وكان جميعهم يرددون بالصوت الواحد : ( يا مرحبا بالضيوف یا مرحبا ).

وما هي إلا هنيهة حتى شرعوا بألعاب رياضية تذهل الألباب ، وأهم ما يذكر حركات الخيل ، حين تهاجم الفرسان فإنك لترى الجواد مسرعاً من تلقاء ذاته إلى الموقع الملائم براكبه ، فإنه يدرك ما يجب عليه لتوفير العناء على الفارس .

لم أر بين هذا العدد العديد من الفرسان من يمسك بيده لجاماً أو رسناً ، بل كان كل منهم يلاعب فرسه ويديرها بإشارة يعملها بسيفه أو بندقيته أو رمحه ، لأن كلا من الفوارس يحمل هذه الأسلحة ، وعلى صدره كمية كبيرة من الخرطوش ، والسيف على جنبه ، والبندقية في كتفه ، والرمح بيده الشمال ، ممدود عرضاً على السرج ، ومنهم من يضع البندقية بين أذني الفرس ساندة إياها على رأسه ، الفرس يركض ورأسه لا يتحرك ، ومنهم من يضع الرمح على السرج عرضاً متوازناً ، فلا يقع رغم كثرة الألعاب ، وسرعة الحركات واختلافها ، وكثير منهم يدورون تحت بطن الفرس ، ثم يعودون إلى السرج ، بينما الفرس تسير بسرعة البرق ، ومنهم من يطرح السيف على الأرض والفرس تنهب الأرض نهبا ، ثم يأخذه بقبضته ، ومثل هذه الألعاب كثيرة مدهشة ، أجروها أمامنا وأكدت لنا أنهم بالحقيقة أمهر الفرسان » 

وقد أدى إعدام محمد الملحم المذكور إلى أن تنحاز الأحسنة وقتئذ إلى القضية العربية ، فذهبت وناصرت المرحوم فيصل ، ونالت منه أعطيات كبيرة ، وكان الشيخ طراد وجماعته مع نوري الشعلان وخيالة الروالة حينما دخلوا دمشق في أيلول سنة 1918 م مع الجيش الفيصلي .

وفي سنة ۱۲۵۲ هـ ( ۱۹۲۹ م ) وبعدها كان للأحسنة نصيب كبير في النزاع الناشب بين ضنا مسلم وضنا عبيد الذي انتهى بصلح عقد في المفوضية العليا الفرنسية في بيروت كما قدمنا في بحث الروالة .

ويذكر أن الشيخ فندي أبا الشيخ طراد كان حسن السيرة موفور الكرامة ، ولما أسن وعجز أودع المشيخة في سنة ۱۳۶۳ هـ إلى ابنه طراد .، فقاد الشيخ طراد العشيرة أحسن قيادة ، وقد كان من مقدمي رؤساء العشائر في نباهة الجنان وطلاقة اللسان ومعرفة الذود عن حياة مصالح العشائر في المجلس النيابي ، وكانت صلاته كبيرة مع أهل حمص ، ومراجعاته لا تنقطع لدور الحكومة الوطنية وخاصة دور الاستخبارات الفرنسية في حمص ودمشق ، يلاحق ويحل مشكلاته ومشکلات غيره ، بما له من حالة الولاء لديهم ، وكان إلى ذكائه ونشاطه وفروسيته همام في أعمال الزراعة تواق إلى امتلاك الأرضين واستثمارها ، ومازال هذا دأبه حتى قتل ولقي ربه في كانون الثاني سنة 1946 م.

وسبب ذلك أنه شجر في عام 1945 م بين عشيرتي الأحسنة والنعيم خلاف على أراضي من أملاك الدولة في موقع النهدين شرقي حمص ، كان الفريقان طلبا إحياءها من إدارة أملاك الدولة ، ولم يحيوها خلال المدة المضروبة ، ثم سبق الشيخ طراد ووضع يده عليها ، فعارضه النعيم وشکوه محتجين بأنهم أقدم منه في الطلب ، وألفت لجنة تحكيم قضت بتفويض الأرض للشيخ طراد ببدل المثل ، على أن يعوض النعيم بخلافها في مكان آخر، فلم يرق هذا للنعيم ، وتعارك الفريقان وقتل من النعيم أشخاص ، كما قتل من الأحسنة بدر أخو الشيخ طراد وآخرون من رجالهم وعبیدهم ، فأكرهت الحكومة النعيم على الانسحاب نحو قرى إخوانهم في قضاء سلمية ،

لكن الفتنة لم ترقد ، وظل الفريقان يتحفزان ويعتدي بعضهما على بعض ، وارتفعت شكاوى شركائها في الغنم من أهل حمص ، وأهمل المسؤولون حسم الأمر إلى أن تفاقم الخطب ، وجاء اثنان من النعيم إلى دمشق أحدهما شاب اسمه شلاش الناصر من فرقة الدخيلة ، فقتل الشيخ طراد الملحم في ساحة المرجة في رابعة النهار وأمام الناس في كانون الثاني سنة 1946 م ، وقد أطلق عليه الرصاص وهو يهم بركوب سيارته ، وألقي القبض فورأ على القاتل المذكور ورفيقه أحمد عزو المحمد، وقد ارتجت بلاد الشام وقتئذ لهذه الحادثة النكراء ، وحزن الجميع على المرحوم الشيخ طراد لما كان عليه من الحلال الحميدة ، ونقل جثمانه إلى حمص وجرت له جنازة حافلة ، وأسفرت المحاكمة عن الحكم بإعدام المجرمين ، إلا أن أحدهما أحمد بن عزو المحمد اعتبر متدخلاً فرعياً في الجريمة ، فأنزلت عقوبته إلى السجن بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ، والمجرم الفاعل شلاش الناصر اعتبر غير مكمل السن الثامنة عشرة ، فأنزلت عقوبته إلى السجن مدة خمس عشرة سنة ، مع تغريمهما الدية الشرعية البالغ قدرها 25400 ليرة سورية تدفع بالتكافل والتضامن إلى ورثة المقتول ، مع منع كل منها من الإقامة في مدة عشر سنوات في منطقته .

أما رئاسة عشيرة الأحسنة ومنصب النيابة فقد وسدتا أخيراً إلى الشيخ تامر نجل المرحوم الشيخ طراد بنتيجة الانتخاب ، وهو شاب في ميعة صباه ، نبیه نشيط، ویرجی أن يكون خير خلف لوالده في المقدرة وإدارة العشيرة وإدامة سمعتها الطيبة القديمة .

هذا وعلى أثر حادثة القتل خشیت النعيم العاقبة ، وتهيأت للدفاع ، وتداخلت قوی أمن البادية في حمص وسلمية ، فأبعدت النعيم نحو الشمال إلى جبل البلعاس ، ومنعت وصول الأحسنة وأنصارهم إليها ، كما وقفت عشيرة الموالي في جانبها، وقد نكبت عشيرة النعيم نكبة كبيرة من جراء هذا الابتعاد عن منازلها ومزارعها ، ومن سحب شركائها الحمصيين غنهم من عندها، ومن وطأة الذين تولوا المنع عنها والوقوف في جانبها وغير ذلك ، ولما تنته هذه المشكلة حتى طبع هذه الأسطر .

 منازل عشيرة الأحسنة

– تفد الأحسنة عنزة محافظة حمص ، فبعضها يقيظ في الضيعات التي ذكرناها ، وبعضها بين قرى تل شنان والقصير وبحيرة قطينة ، وبعضها كالحجاج والأنبي عيد والصقرة والمساليخ يبلغون سهل البقاع وأنحاء بعلبك ، وفي الخريف يفدون إلى حسية وصدد ، فإذا حل الشتاء ينجعون الحماد ويلحقون الرولة ، وسبيلهم إلى الحماد صدد ومهين وحوارين والقريتين وعين الباردة وعين هلبا في جنوبي تدمر ، ومنتهاهم داخل الحدود العراقية في منطقة الخبرات قرب الروالة ومعهم ، إلا أنهم لا يوغلون في الحماد بقدر الروالة ، ولا يتجاوزون جبل التنف وخبرة الزرقا ، وأكثر الغنامة من الأحسنة لا يتجاوزون القريتين ، وفي الصيف تجذبهم بحيرة قطينة أكثر من غيرها ، والأحسنة في الجملة أصبحت لا تعد من أهل الإبل ولا من أهل الشياه بل هي بين بين ، وقد قصرت مدى نجعتها عما قبل ، إلا المساليخ فإنهم قد يبلغون الجوف في إيغاهم في الحماد .

فرق عشيرة الأحسنة .

قيل أن جدهم الأعلى هو وهب المعدود من ضنا مسلم ، وأن وهبة هذا أعقب علي ، ومنه عشيرة الولد علي التي تقدم ذكرها، ثم أعقب منبه ، ومنه عشيرة المنابهة التي سيأتي ذكرها ، فمنبه جد المنابهة أعقب ثلاثة إخوة : حسين ومنه الأحسنة ، وحسن ومنه المساليخ ، وخمعل ومنه الحماعلة ، فالأحسنة ينقسمون في يومنا إلى فرق عديدة ، هذه أسماؤها وأسماء رؤسائها ؛ الجحيم لخالد الخضر والشمسي لعلي المحينة ، والعويمر الفرج بن رشيد ، وهؤلاء صاروا مع الحديديين ، والقضة لربيع بن راشد ، والصقرة لسليان الحسين ، وهؤلاء نزحوا إلى نجد منذ سنة ۱۹۳۳ م والشرابة لصقلان بن شامان ، والقبلان والملحم لثامر الملحم ، أما المساليخ فينقسمون إلى القراشة لابن رشود ، والهيشة لعجيل بن يعيش ، ( وأسرة هذا الشيخ أقرب الأسر إلى جلالة الملك ابن السعود ) والهتيني لجاسم المحسر ، والقراشة والهيشة متخلفتان في نجد والجوف ، أما الخماعلة فينقسمون إلى الحجاج الدعاس بن غبن ، ومن هؤلاء قسم قليل نزح إلى فلسطين منذ سنة ۱۹۳۲ م . والفقراء لسلطان بن فقير والأبي عبد الملحم الخضر ، ويذكر أن رئيس المنابهة كلهم في بلاد الشام كان الشيخ طراد الملحم ، والآن ابنه تامر ، ورئيسهم في شمالي الحجاز هو سلطان ابن الفقير .

لواحق عشيرة الأحسنة

– أول لواحق الأحسنة هم العمور الذين منهم فريق التحق بالأحسنة ، وصار ينسب إليهم ، أو إلى آل ملحم ويدعى عمور الملحم ، وفيه ثلاث فنود ؛ البرقع لفاضل المطرود ، والعدوان لعواد الجلعوط ، والعليوي لمرعي البداح ، وثاني لواحق الأحسنة هم الفواعرة الذين سيأتي ذكرهم .

عدد عشيرة الأحسنة .

قيل أن عدد الأحسنة الأصليين المنابهة 400 بیت ، وعدد لواحقهم ۳۰۰ فالمجموع ۷۰۰ بيت . وأن عدد أسرة الملحم نحو ۳۵ بیتا فيه كثير من العبيد والخدم . ( حسب تاريخ اصدار الكتاب)

شجرة نسب آل ملحم .

قيل أن أول من حفظ ذكره منهم هو مزيد الأول ، وقد أعقب هذا ملحماً الذي أورث اسمه هذه الأسرة ، وجاء من ملحم فاضل الذي كان في حدود سنة ۱۱۹۳ هـ على ما قدمنا في بحث عنزة ، وجاء من فاضل عبد الله الشاعر المشهور الذي انقطع نسله ومهنا ، ولعل مهنا هذا هو الذي ذكره برکهارت في سنة ۱۲۲۶ هـ ، وجاء من مهنا عبد العزيز وأحمد ، ولعل هذا هو أحمد المهنا الذي قيل إن إبراهيم باشا المصري أعدمه ، وجاء من عبد العزیز مزید وهو مزيد الثاني وأحسن من عرفت شجرته هو مزید الثاني هذا ، تلاها لي المرحوم الشيخ طراد على النسق الآتي :

من مزيد الثاني جاء فارس وعبد العزيز وراجح .

أما فارس المزيد فمنه محمد وسعود وملحم وصفوق ، فمن محمد الفارس محي الدين وفرحان ، ومن محي الدين ماجد ، ومن سعود الفارس فندي ومحمد ، ومن فندي محمد وعبد الهادي وبدر ( الذي قتل في حادثة النعيم ) وطراد وعبد الرزاق ، ولطراد ولدان تامر وعبد العزيز ، ومن ملحم الفارس محمد الذي صلب في الحرب العامة ، ومن محمد السعود عبد الكريم الذي قتل في إحدى الغزوات ، ومن صفوق الفارس عودة وعيادة وعائد وشامان ، ومن شامان فواز ومنه أحمد ومحمد .

أما عبد العزيز المزيد فمنه رمیح وعبد الله وسلیان ، فمن رميح العبد العزيز ، وأحمد ومحمد ودياب ، ومن أحمد وهب وعناد ، ومن محمد عبد الرزاق وصفوق ، ومن عبد الله العبد العزيز ودعار وعبيد ، فمن دعار ماجد وبشير ، ومن عبيد سعود ، ومن سلمان العبد العزيز فاضل ومفلح .

أما راجح الفارس فمنه فيصل ، ومن فيصل نوري ومحمد وهزاع ، فمن نوري الفيصل فيصل وطرودي وراجح ، ومن محمد الفيصل تركي ودعار ونايف وناصر ، ومن هزاع الفيصل ماجد ومحمد.

وفي آل ملحم فرع آخر اسمه القبلان ، أوله قبلان ، ومنه نایف ومصلح ، ومن مصلح ممدوح ، ومنه عبد العزيز وعبد الرزاق وعبد الهادي وفرحان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top