عشيرة السردية
السردية من أجل عشائر هذه الأنحاء وأكرمها محتدأ وتاريخاً ، وينسبهم البعض إلى بني صخر العشيرة الأردنية المعروفة ،
بينما العداء مستفحل والغارات لا تنقطع بينهم ، وهم تغلبوا فيما مضى على عشيرة السرحان التي كانت أقوى عشائر حوران في القرن العاشر ، وانتزعوا السيادة منها ، ودفعوها إلى الجوف ، وصاروا أحكام بادية حوران وعجلون ، وأقوياء وأثرياء جدا ،
وقد جاء ذكرهم في كتاب (تاريخ الأمير فخر الدين المعني ) للشيخ أحمد بن محمد الخالدي طبع بیروت ۱۹۳۹ م، وأنه كان لهم في القرن الحادي عشر شيخ كبير اسمه الشيخ رشید ، وأن والي الشام حافظ أحمد باشا أعطاه مشيخة حوران ، وأن هذا الشيخ تنازع مرارا مع الأمير مدلج الحياري ( أمير الموالي ) ،
وأنه كان له وجاهة وشفاعة عند الأمير فخر الدين المعني ( ما بين سنة ۱۰۲۱ إلى سنة ۱۰۳4 ه ) ،
ثم كان لهم شیخ اسمه المحفوظ السردي ، كان يزود ركب الحج بالأباعر ، ويحميه من تعدي البدو لقاء جعل من الدولة .
وقد أيد ذلك السائح الدانماركي نيبوهر الذي زار بلاد الشام في حدود سنة ۱۱۸۰ هـ.
وقال إن شیخ السردية هو ( الأمير ) الذي يعتمد عليه والي دمشق ، وأيد ذلك أيضا السائح الفرنسي فولناي الذي جاء في حدود سنة ۱۱۹۹ هـ والسائح السويسري برکھارت في سنة ۱۲۲4 هـ.
ثم قامت عشيرة بني صخر المذكورة ونازعت السردية هذه الوظيفة والمورد واذتهم ،
ثم لما جاءت عنزة من نجد تولى السردية رئاسة حلف أهل الشمال المؤلف من السردية والسرحان والفحيلية والعيسى ، وذلك لمدافعة عنزة ( وخاصة الولد علي منها ) ومنعها من النفوذ إلى براري حوران وشرقي الأردن ،
لكن عنزة ( الولد علي ) تغلبت فيما بعد على هذا الحلف ومنه السردية وسلبتهم السيادة وأضعفتهم ، فنزح قسم منهم إلى غور بيسان واسمهم هناك ( الصقور) ،
ونزح القسم الكلي منهم إلى البلقاء في شرقي الأردن ، فتنازع مع بني صخر من جراء قيام أحد شيوخ الصخور طراد الزبن وطلبه أخت متعب الكنج ،
ومن هذا ورجوعه إلى جبل الدروز يستنجد بالدروز فأنجدوه ، وبدأت الغارات بين الصخور والسردية ونظم الشعراء عدة قصائد في ذلك .
حدثنا الشيخ سعود الذي سألناه عن تاريخهم رواية غير مدعومة بوثيقة :
« أن جدهم الأعلى اسمه فوازة وله أخ اسمه ملاك ، ثم تحارب هذان الأخان ، فانهزم ملاك إلى فلسطين ، ومن ذريته عشيرة الصقور في غور بيسان ، ثم عاد ملاك وتغلب على فواز وأكرهه على النزوح إلى العراق واللجوء إلى إحدى العشائر ، وكان لفواز أخت حسناء أحبها شیخ العشيرة العراقية التي لجؤوا إليها وخطبها ، فطلب فواز مهلة خمسة أيام للتفكير في الأمر ، فقبل الخاطب ، وخلال المهلة رحل فواز وقومه وأسرعوا بالرجوع إلى حوران ، فوجدوا الصقور محتلين ديارهم ، فنازلوهم وأجلوهم وأعادوهم إلى بيسان ، وما أن استراحوا حتي دهمتهم عنزة ( الولد علي ) فدافعوها عشرات السنين إلى أن تغلبت عليهم وأبعدتهم إلى شرقي الأردن ، وأوقعتهم مع بني صخر بالغارات التي تقدم ذكرها .
وقال : إن فواز أعقب ولدا اسمه كليبا ، ومنه محفوظ السردي الذي تقدم ذكره ، وأن عشيرة السردية فرقتان ؛ العون في مشيخة كليب العوان ، والكليب في مشيخة سعود الكليب ، وعدد العشيرة نحو ۲۵۰ بیتا ، وكانت منازلهم حول قرية القرية وموردهم ماء المرة ، ثم في قرى حوت وبكة وأم الرمان وديبين.
أما الآن فأكثر إقامتهم داخل الحدود الأردنية ، قرب جبل الدروز ، وقد تملك الشيخ سعود هناك خربتين اسمهما صبحة وصبيحة ، تقعان بين أم الجمال وأم القطين ، وله فيها بيت حجر للشتاء وحراثين من أبناء العشيرة ، أما نجعتهم في الشتاء ففي أرض الجبانة وقرب الأزرق وقد يصل بعضهم إلى قريات الملح .
وأهل الشيخ سعود يعرفون بأسماء مختلفة ، فعنزة يعرفونهم بالكنوج نسبة إلى کنج بن ظاهر أبو جد الشيخ سعود ، والدروز يعرفونهم بالكليب ، والحورانيون يدعونهم الفواز ، ونخوتهم راعي الحيزة وأخو ذيبة .
قال برکهارت عن السردية في سنة ۱۲۲4 هـ هؤلاء فرقتان الظاهر والواكد ، ولكل فرقة شيخ ، وعند السردية خيل طيبة ، وفي كل سنة يرسل والي دمشق لأحد شيوخهم هدايا من الثياب والسلاح ويتناول منه فرسا ، والشيخ الذي يكرم بمثل هذا يدعی شیخ حوران ، وعليه أن يعاون جند الدولة ضد كل تعد على حوران ،
لكن السردية كالفحيلية قلما لبثوا بدون حرب مع الوالي ، وهم يأخذون ضرائب من قرى حوران ضعفي ما يأخذه الفحيلية » ، .
والسردية على قلتهم فرسان مغاوير ، وعندهم شم وغرور بنسبهم وماضيهم ، فهم يزعمون أنهم من أعقاب بني مخزوم الذين جاؤوا إلى ديار حوران في عهد الفتوح ، وبقي قسم منهم هنا تفرع منه بنو شهاب ، وهؤلاء نزحوا بعد في القرن السادس من حوران إلى وادي التيم ، والسردية من أجل ذلك يحسبون أنفسهم أبناء عمومة الأمراء الشهابيين ، على ما رواه لي أحدهم الأمير فائز عجاج الشهابي المشاور العدلي في مديرية العشائر في شرقي الأردن ، وفي تاريخ حيدر الشهابي أن الأمير بشير الشهابي الكبير لما نزح من لبنان عام ( ۱۸۱۱ م ) حذره من غضب عبد الله باشا والي عكا ، لجأ إلى حوران فاستقبله هؤلاء السردية من حدود الجولان ، وعرضوا عليه معونتهم ، وساروا في ركابه ، حتى أوصلوه إلى شرقي حوران فأجازهم ،
وما يذكر للسردية أنهم اشتركوا في جيش الثورة العربية الذي قاده المرحوم الملك فيصل ، وجاؤوا صحبة سلطان باشا الأطرش وجمعه من فرسان الدروز ودخلوا معه دمشق في أيلول سنة ۱۳۳۷ هـ ( ۱۹۱۸ م ) وكانوا وقتئذ في قيادة خلف الكليب .