مقدمة عن عشيرة العقيدات
عشيرة كبيرة تعد أكبر العشائر الريفية في بلاد الشام عدداً ، وأوسعها منازلاً ، ومحارثاً ومزارعاً ، وأبعدها في باب الوثوب والمقارعة أثراً ، وهي ليست من نجار واحد ، بل مؤلفة من فرق عديدة أكثرها أصلي، وبعضها ملتحق ، وهي غير قديمة في وادي الفرات بل طارئة جاءت واحتلت هذا الوادي في أوائل القرن الثاني عشر الهجري فيما يظن ،
المنشأ وسبب التسمية بالعقيدات:
وفيها أقوال ، منها أنهم قحطانيون نشؤوا من نجد من قبيلة زبيد، ومن جدهم الصحابي الجليل عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، وقد تقدم معنا في أبحاث كل من عشائر الأبي شعبان والجبور وبعض عشائر جبل الدروز أنهم ينتسبون أيضاً إلى زبيد ، ولم تقطع بمن دعواه أصح في ذلك ، ويقول العقيدات أيضاً أن جدهم الأعلى كان اسمه سالم الصهيبي ، نشأ في نجد من مجموعة قرى أو قريات منتشرة إلى الجنوب الغربي من حايل ، تدعى عقدة فسموا ( العقيدات ) ، ثم جاؤوا إلى وادي الفرات بقيادة عبد الله الهفل ، جد جدعان الهفل شيخ العقيدات الأكبر في يومنا ، وهذا سبب إجلالهم قدر الشيخ جدعان وآله .
وفي قول آخر أن العقيدات الأصليين هم أعقاب ثلاثة أخوة ، كامل ( جامل ) وكمال ) جمال ( وزامل )، وهناك من يجعلهم أربعة ويضم اسم زمال إليهم ، ويجعل زمال هذا مقطوعاً أي محروم من النسب، لكن هذا القول غير مؤيد ، وهؤلاء الأخوة الثلاثة أو الأربعة أبناء رجل اسمه غنام بن علي بن سالم بن صهيبي بن مهيب بن عبد الله بن جحيش بن .. بن…….. بن عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، وأن علي السالم هذا هو الذي جاء بالعقيدات إلى وادي الفرات في القرن الثاني عشر، فما نعتهم العشائر القديمة التي كانت فيه ، كالجبور والجحيش والدايم، فقاتلوها وتغلبوا عليها ، ودحروا منها عشيرة الجبور إلى وادي الخابور الأوسط ، وعشيرة الدليم إلى وادي الفرات الأوسط في العراق ، وعشيرة الجحيش التي حاولت أن تهينهم، فأفنوا معظمها ، وأبعدوا فلولها نحو براري الموصل ، ثم استصفى أعقاب علي السالم وادي الفرات بين الدير وأبي كمال وتوسعوا فيه ، ثم انضمت إليهم عشائر غريبة عنهم نسباً ، وإن كانت اليوم تعد منهم في الصميم ، كالأبي سرايا والأبي خابور والأبي حردان والأبي بدران والبقعان والأبي ليل والمجاودة والمشاهدة وأمثالهم ، وسموا جميعاً بعد ذلك بالعقيدات بحكم القسم الذي أقسموه على التعاقد والتناصر ، كما انضمت إليهم بعـد فرق صغيرة ، وصارت منهم ، وإن كانت هي أيضاً في الأصل غريبة كالجحيش والرحبيين والمراشدة والمراسمة والفليتة ، وأهل الجرزى وغيرهم .
أين تسكن عشيرة العقيدات:
والعقيدات يقطنون في قراهم المنتشرة في أقضية الدير والميادين وأبي كمال على ضفتي الفرات: في اليمبنى من البويطية إلى أبي كمال، وفي اليسرى من جديدة العقيدات إلى باقوز إزاء أبي كمال . ويقطنون أيضاً في ضفتي الخابور من البصيرة جنوباً إلى تل حسين وتل الشيخ حمد في شمال الصور ، حيث تبدأ حدود عشيرة الجبور . وبيوتهم في هذه القرى ليست من اللبن والحجر، بل هي سبابيط جمع سيباط يصنعونها من أغصان الطرفاء والغرب ، ويطلونها بالطين فتأتي أرطب من بيوت الشعر في إقليم الفرات الحار، فهم في الصيف يأوون إلى هذه السبابيط ، وفي الشتاء إلى بيوت الشعر .
رئاسة عشيرة العقيدات:
والرئاسة العليا على العقيدات في بيت الهفل، وأكبر شيخ يمثل العقيدات في مؤتمرات العشائر هو الشيخ جدعان الهفل رئيس فرق الأبي كامل ، لكن سلطته الفعلية على فرقه دون غيرها ، ومصيبة هذه العشيرة الكبيرة هي في فقدان القيادة الموحدة ، وتخاذل الرؤساء بعضهم على بعض ، وعدم قبولهم أحياناً بانفراد الشيخ جدعان الهفل بتمثيل العشيرة كلها لوحده ، ولو أنهم يجلون قدره لاتصال نسبه بمؤسس العشيرة الأول ، ولا ريب في أن طبيعة السكنى على ضفتي الفرات المتباعدتين ، واتساع المنطقة ، وطولها البالغ في الشامية ١٦٥ كيلو متراً ، وفي الجزيرة ۱۱۰ كيلو مترات، وصعودها نحو أعلى الخابور لمسافة ٧٥ كيلو متراً ، كل ذلك قد أدى إلى فقدان القيادة الموحدة ، وإلى تخاذل المذكورين ، وإلى حمل كل فرقة على اتخاذ خطة خاصة بها ، تتلاءم مع صالحها ، ومن ثم نشأ رؤساء مستقلون كل الاستقلال في تصرفاتهم عن بيت الرئاسة الأول .
عدد عشيرة العقيدات:
مختلف فيه ، يقدرونهم بـ ۸۰۰۰ بیت . وأن عندهم ٥٠٠٠٠ شاة و ١٣٠٠ بعير ، ونخوتهم العـامـة الأبرز ، وهاك بيان أسماء فرق العقيدات أو عشائر العقيدات، وأسماء شيوخها وعدد بيوت كل منها ، الأبو كامل ۲۳۵۰ جدعان الهفل ، الحسون ۱۲۰۰ مشرف الدندل ، البقعات ۱۲۰ عثمان العبد الله ، الأبو حردان ٢٤٠ عقلة السبيخان ، الدميم ٥٠٠ فارس الصياح ، الشعيطاط ۳۸۰ راجو الحطيطة ، المشاهدة ١٦٠ مزيد البدوي، المجاودة ١٤٠ صالح العشبان ، الشويط ٨٦٠ برغش المحمد ، الثلوث ١٧٥٠ تركي علي النجرس ، الأبو سرايا ٥٠٠ فياض الناصر ، البكير ٩٧٠ سليمان الحمادي ، ولد الشيخ عيسى ٤٠ نجم عبد الهادي ، المشاهدة ۲۰۰ عبيد الكلش ، الأبو خابور ۱۰۰۰ خزام العساف .
نسب رئيس العقيدات الشيخ جدعان الهفل:
أما نسب الشيخ جدعان الهفل رئيس العقيدات الأكبر فهو جدعان بن هفل بن الله بن علي بن ظاهر بن حمد الثاني بن حمد الأول بن علي الملقب دعيجل بن محمد بن غانم بن سويلم بن علي بن قطايع بن جامل ( كامل ) بن غنام بن علي بن سالم الصهيبي الذي تقدم ذكر نسبه المتصل فيا زعموا بعمرو بن معدي كرب الزبيدي ، وقد كان هفل أعقب أربعين ولداً تناسلوا، فبلغوا الآن مئتي رجل ماعدا النساء .
ويذكر أن الجد الخامس ظاهر بن حمد الثاني أعقب ستة أبناء أنجبوا ست فرق تؤلف عشيرة الظاهر ، وأن من هذه العشيرة آل هفل، شيوخ العقيدات جميعاً وهم في قرية ذيبان على يسار الفرات في قضاء الميادين ، ويذكر أيضاً أن الجد السابع حمد الأول أعقب أربعة أبناء أنجبوا فرقة الموسى الصالح الحمد التي في قرية الشحيل ، مابين البصيرة والحوايج ، وفرقتا الطلاع الحمد والشهاب الحمد القاطنتان في الشحيل والحريجي ،
ويذكر أيضاً أن الجد الثامن علي الملقب بدعيجل ، أعقب فرقة الدعيجل التي منها أفخاذ المثالبة والضالع ، وأن الجد العاشر غانماً أعقب من ولده بكر فرقة البكير التي منها أفخاذ الحجاج ، بما فيها العنابزة والمشرف وفخذ الكبيصة و الفرج ، وأن الجد الثاني عشر علي أعقب من أولاده أرحمة، الذي منه فرقة الأبي رحمة القاطنة في قرية جرزي، وأن الجد الثالث عشر قطايع أعقب فرقة الشويطة، وأن الجد الرابع عشر جامل كامل أعقب الثلث وأن الجد الخامس عشر ( غنام ) كان له ثلاثة أبناء جامل وجمال وزامل على ما قلنا ( أنظر شجرة النسب الملحقة).
هذا وما عدا الرؤساء الكبار في العقيدات الذين عددناهم ، فإن لكل فرقة أو لكل قرية مختار خاص مسؤول تجاه الحكومة، ويمثل العقيدات في مجلس النواب نائبان وكلاهما من قضاء الميادين ، حيث تزدحم كثرتهم ، ويؤلفون سكان القضاء ، أما في قضاء البوكمال فالنائب حضري من سكان مركز القضاء ، رغم تفوق العقيدات في العدد بحكم تخاذل رؤسائهم هناك
شجرة نسب عشيرة العقيدات
۱ – شجرة نسب الأبو جامل
( سكان قضاء الميادين ونواحي العشارة والبصيرة والصور ) ، قالوا أن جدهم الأعلى هو سالم الصهيبي ، ومنه علي : ، ومن هذا غنام وساري ( جد الأبو سرايا ) ، فمن غنام جاء جمال جد الأبي جمال، وزامل جد الشعيطات ، وجامل جد الأبي جامل . أما جامل فقد أعقب قطايع وفهد ( جـد يد الثلث ) ، فمن قطايع علي ومرة فمن علي سويلم ورحمة ( جد الأبي رحمة ) ، ومن سويلم جاء غانم ومن هذا بكر ( جد البكير ) ومحمد ومن بكر بن غانم جاء مرعي ( جد الحجاج ) وخلف وقبيصة ، ومن خلف عنبز ( جد العنابزة ) والمشرف وجار الله، أما رحمة فمنه المقدام والوساط والناصر والعليوي .
وأما مرة بن قطائع ( جد الشويط) فمنه جاءت الحمزات والمجاليب والخالدية والأبو عزام والمجاملة .
وأما فهد بن جامل ( جد الثلث ) فمنه جاءت الأبو حسن والقرعان ، والأبو حسن أعقب محمد وعزام وضاهر وشويط وخالد ونصر الله الجعدان .
وأما محمد بن غانم السويلم فقد جاء منه خلف ( جد الأبي خلف ) وعزالدين ( جـد الأبي عز الدين ) وعلي الدعجل ( جـد آل دعجل ( ومن علي الدعجل جاء إبراهيم ( جـد المثالبة ) وحسن ( جد الضالع ) وحمد الأول ( جد آل حمد )( ، ومن حمد الأول هذا جاء حمد الثاني وشهاب وطلاع وصالح الذي منه موسى الصالح ، ومن حمد الثاني جاء محمد الدعجل وظاهر الدعجل ، ومن ظاهر ( جد آل ظاهر) جاء علي ومحمد وحسن وسليمان وصالح وحمد ، فمن علي الظاهر جاء عبد الله ، ومن هذا هفل ومن هذا جدعان ، وجاء من كل أخوة علي الظاهر فرقة خاصة تسمى باسم جدها ، وتقطن في قرية منفردة ، وأما القرعان الذين من أعقاب فهد الجامل ، فقد تفرعوا إلى الشنان والبو عواد وحسن الأقرع وحمد المحمد .
۲ – شجرة نسب الأبو جمال
( سكان قضاء البوكمال ) ، هؤلاء يتفرعون إلى الحسون والدميم والشعيطات والأبو مريح ، فالحسون يتفرعون إلى المحمد والعلي والحمود ، والمحمد إلى الأبي عبد الله والداغر والعبد الصالح، والعلي إلى الدندل والخنة والمجاليب وعبد اللوق ، والحمود إلى الشلال والعويش والمحموش والحجاج والمشعانة ، أما الدميم فيتفرعون إلى طوطحة وعجارجة وآذار وعباس والحجاج والجماج، والشعيطات يتفرعون إلى العليوي والعراقية والخليل
لواحق الأبي جمال – البوقاعان، المجاودة ، المشاهدة ، المراسمة ، المراشدة ، الجغايفة ، الأبو بدران ، الأبو حردان ، الحليبية .
لواحق الأبي جامل – الجحيش ، الفليتة ، البو خابور ، البوليل ، الزباري ، الأبو سرايا
تاريخ عشيرة العقيدات القديم :
يظهر أن انتساب العقيدات إلى عمرو بن معدي كرب الزبيدي غير مؤيد بسند صحيح ، ، كما أن رجالاتهم البارزين غير متفقين على رواية واحدة في تاريخهم القديم ، فقد ذكر المقدم مولر في كتابه عن أصل العقيدات ثلاث روايات ، ففي رواية ينسبها إلى تركي النجرس رئيس الثلث ، أن أصلهم من عقدة في نجد وأنهم نزحوا من نجد قبل خمسة قرون، وجاؤوا واستقروا بين حلب وحماة ، ودخلوا تحت سيادة أمير الموالي ، ودفعوا له خوة ، ثم قبل قرنين حدث نزاع بين الموالي والعقيدات بشأن فرس كان أمير الموالي يرغب أخذها منهم ، فقام نحو ٣٠٠ بيت منهم ، ونزح إلى الزور في أنحاء الميادين ، وكان ينزل هذه الأنحاء عشيرة الجبور وحدها في مشيخة محمد أمين الملحم جد مسلط باشا الصالح ، وكان هذا يقطن في السويدية تجاه العشارة ، ونشبت معارك استظهر فيها العقيدات ودحروا الجبور إلى وادي الخابور، وبقي قسم من العقيدات في منطقة الموالي ( حماة وحمص ) ، ويعدون هناك نحو ألف بيت في مشيخة خلف الإبراهيم ابن عم تركي النجرس .
وفي رواية ثانية نسبها المقدم مولر إلى حمود الشلاش رئيس الأبي سرايا ، أن العقيدات جاؤوا من اليمن ، واستقروا في نجد قرب آبار زبيد، ومن هناك هاجروا في عهد جده السادس علي ، ومروا بالعراق إلى أن بلغوا أنحاء الدير ، أما عقيدات أنحاء حمص وحماة فقد جاؤوا مباشرة من نجد إلى حيث هم الآن .
وفي رواية ثالثة نسبها إلى جدعان الهفل الرئيس الفعلي لفرق الأبي كمال ، والرئيس الأعلى الأسمى للعقيدات كلهم ، أن العقيدات لما جاؤوا من الجنوب بقيادة جده الهفل العبد الله ، استقروا بين التبني وأبي كمال، وكان الجبور يشغلون الضفة اليسرى التي تجاههم ، فتعاركوا واستظهر العقيدات ، ودحروا الجبور نحو الخابور ، وكان العقيدات وقتئذ مؤلفين من عشائر متعددة مختلفة المنابت ، فاضطرت لاتقاء خطر أخصامها الكثر إلى أن تتعاقد ، فسميت بالعقيدات ، ومن هذا يظهر أنه ليس ثمة قرابة بين الأبي سرايا والأبي خابور ، وبين سواهم من العقيدات كالبكير والأبي جمال والأبي جامل.