الفواعرة
1- أصل عشيرة الفواعرة
الفواعرة عشيرة حديثة النشأة ، في القرن ۱۲ هـ ، لكنها غامضة الأصل والأرومة ، فقد ذكرت لي عنها ثلاث روایات ، الأولى : أن الفواعرة عشيرة متألفة من فرق عديدة ، اجتمعت في القرن الثاني عشر تحت رئاسة منشئها الأمير حسن الغنطار من آل فاعور ، أمراء عشيرة الفضل التي في الجولان ، وذلك على أثر نزاع حدث بينه وبين أقاربه آل فاعور ، فانفصل عنهم ليلتحق بالموالي ، وجاء وجمع حوله بعض الأنصار ودعاهم ( الفواعرة ) ، ثم رأى من أمراء الموالي عنتاً اضطره إلى هجرهم ، والمجيء مع أنصاره إلى أنحاء حمص ، وأن أمراء الموالي غضبوا لهذا ، فصاروا يغيرون على الفواعرة ، ويكرهونهم على الرجوع إلى حظيرتهم دون طائل ، لكن متى كان ذلك وفي أي تاريخ ؟ هذا لا يذكره أحد.
والرواية الثانية للشيخ فدعوس الرمضان رئيس الفواعرة الحالي أن الغنطار المذكور لم يكن من أمراء آل الفضل ، بل كان من أتباع أمراء الموالي ، ومن جملة الفرسان الذين بعثهم أمير الموالي لجلب الفتاة التي يدعونها ( حمرة الموت ) من طيء ، ثم ترأس هذا وجمع حوله لفيفأ من شتات الأعراب ، وجعلهم فرقة من فرق الموالي ولواحقهم ، ودعاهم ( فواعرة ) ، لكن متى جرى ذلك وفي أي تاريخ جرى ، وما معنی فواعرة ؟ هذا لم يجب عليه الشيخ فدعوس ،
وأصحاب الرواية الأولى يمضون في حديثهم ويقولون إن حسن الغنطار لما مات خلف ابناً اسمه قريم أو كريم ، وكان يلقب بأمير الفواعرة ، إلا أن الرئاسة الفعلية كانت في يد أحد الموالي المسمى شبلي ، ( وفي زعم الشيخ فدعوس أن قريم هو أحد أحفاد الغنطار وليس ولده ) ، وقد عقب قريم ولداً هجر العشيرة ونزح إلى أمريكا في سنة ( ۱۳۱۲ هـ ) ، وانقطعت أخباره فانقطعت بذلك سلالة الغنطار .
والرواية الثالثة أن الرئاسة الفعلية في الفواعرة كانت لرجل من الموالي اسمه شبلي ، من فخذ العرامنة أورثها سلالته ، فتعاورها مند قرن ونصف ، إلى أن استقرت المحمد الشبلي خريج مدرسة العشائر ، لكن نازعه عليها اثنان من أقاربه ، هما درویش الشبلي وصفوق العفنان ، ثم لما مات محمد الشبلي وضعف شأن الاثنين المذكورين صارت الرئاسة إلى فدعوس بن شبيث الرمضان من فخذ العلقاوین ، ومشيخة فدعوس معترف بها رسمية ، وله منحة سنوية من الخزينة ويزاحمه فهد العفنان الذي يدعي الأولوية .
فيظهر من هذه الروايات الثلاث المضطربة – شأن أكثر روایات البدو حينما تسألهم – أن الفواعرة وإن عد أصلهم من الموالي ويوالونهم ، إلا أنهم ليسوا من نبعة واحدة ، وقد كانوا أغنياء ونشيطين جداً ، إلى أن ضعفوا في السنين الأخيرة ، وتشتتوا ولم يبق من بيوتهم الخمسمئة إلا نحو النصف في رواية فدعوس ، والفواعرة يعدون الآن من أحلاف الأحسنة ، وتفزع الأحسنة لهم في الشدائد ، كما أنهم أيضا يفزعون للأحسنة مهما جرى بينهم .
وتاريخ الفواعرة من منتصف القرن الثلث عشر إلى منتصف قرننا الرابع عشر طافح بأخبار الكوارث والنكبات التي لحقت بهذه العشيرة الصغيرة ، وسبب ذلك أن غناهم ونشاطهم أورثاهم حسد بقية العشائر وطمعها ، وجعلاهم مطمعاً للغزاة ، كلما توغلوا في البادية للنجعة .
ففي سنة ۱۲۲۰ هـ. كانوا في حرب مع الروالة، وفي سنة ۱۲۵۹ هـ. مع الموالي والحديديين ، وفي ۱۲۹۱ هـ مع بني خالد ، وفي ۱۳۱۸ هـ مع الفدعان ، وفي ۱۳۲۶ هـ مع التركي ، وفي ۱۳۲۷ هـ مع الغياث وعشائر جبل الدروز، وفي ۱۳۶۰ هـ مع حويطات شرقي الأردن ، وأعظم غزوة دهمتهم ونكبتهم نكبة مفجعة هي ما جرى في سنة ۱۳۶۱ هـ. ، إذ فاجأتهم عمارات العراق في قيادة الشيخ محروث الهذال حينما كانوا حول السبع آبار (۱۶۹ میلا شرقي دمشق على طريق سيارات بغداد ) فخسروا إذ ذاك ۵۵ بیتا وأكثر من ۱۰۰۰ بعير و ۱۰۰۰ شاة ، أما العداء والعراك بينهم وبين بني خالد والأسبعة البطينات فقد داما مدة مديدة إلى أن انتهيا بتداخل الحكومة وصلحها جبرة في حمص مع بني خالد في سنة ۱۳۶۰ هـ ، وفي حماة مع الأسبعة البطينات سنة ۱۳۶۳ ه ، ولما نشب النزاع في سنة ۱۳۶۷ و ۱۳۶۸ هـ بين ضنا مسلم وضنا عبيد وقفت الفواعرة على الحياد ولجأت إلى المعمورة .
لهذه الأسباب والنكبات أخذ شيوخ الفواعرة وبعض أفرادها يميلون في السنين الأخيرة إلى الزراعة ، فشرعوا بإحياء أراضي في أملاك الدولة في عين مران شرقي الفركلس إلى الشمال ، وفي موقع هناك أسمه غدیر شريفة ، وفي قرية أليسة غربي الفركلس ، وكانوا يملكون فيما مضى ثلاث قرى في شمالي قضاء سلمية هي التمك وأم التوينة والبويضة استخلصها منهم أو اشتراها بعض الأغوات البرازية في حماة ، وذلك خلال نزاعهم مع الموالي في سنة ۱۳۲۰ هـ.
والفواعرة على صلات حسنة مستديمة مع أهل حمص والقرى المحيطة بحمص ، ولهم مع الحمصيين شراكة واسعة بالغنم والسمن والصوف ، ولا تزال هذه العشيرة تحسب غنية ونشيطة في الجملة ، ولا يزال أكثرها يتبدى و ينجع نجعة كبيرة إلى الحماد ، مع الأحسنة والروالة ومسلكهم يبدأ في الفركلس حيث يجتمعون فيها في أول الأمطار الموسمية ، ثم يزحفون نحو عين القمقوم ، فالغنتر فعين الباردة فبئر البصيري فالحفير فبير هلبا فالسبع بیار ، ثم يتوغلون في الحماد ويبلغون منطقة الخبرات ( خبرة الشامية وخبرة رمانة وخبرة الزرقاء ) ، وفي الربيع يعودون من المسلك نفسه ، ليجتمعوا في حمص في نيسان وأيار ، ويقدرون أن عدد الفواعرة ۵۰۰ بیت أكثرهم رحالة أهل ضرع وقليلهم أهل زرع ، وأن لدى الرحالة منهم نحو ۳۰۰۰۰ شاة و ۱۰۰۰ بعير و ۸۰ فرسأ ومنتوجهم السنوي ۵۰۰۰ قنطار صوف و 600 قنطارسمن و ۱۰ – ۲۰ ألف خاروف ، وذلك حسب السنين ، وأن ثلثي غنمهم لهم وثلثه إلى شركائهم من الحمصيين في الغالب ، ثم لبعض قرويي حمص وبعلبك. وهم ينتشرون في فصل الصيف زرافات صغيرة في جنوبي حمص وشمالها وغربها وشرقها ، حول قرى فيروزة والجديدة والشومرية وسعن الأسود والمشرفة وتل بيسة والرستن وحسية والقصير وقطينة ، وقد يبلغون خربة التين في الوعر غربي حمص ، وفي السنين الماحلة يزحفون نحو غربي حمص إلى سهل البقيعة وسهل عكار ، وهم يدخلون المعمورة قبل موسم الحصاد ويؤجرون أباعرهم في الرجاد ، ومنهم من يفعل ذلك في بلاد حوران .
2- رئاسة عشيرة الفواعرة في حمص
ورئيس الفواعرة الحالي هو الشيخ فدعوص الرمضان ، ونسبه فدعوس بن شبيث بن رمضان بن عبد الحي ، قيل إن رمضان بن عبد الحي أعقب ثلاثة أولاد : شبيث وحميد وهليل ، فمن شبيث جاء فدعوص وعیفیر وزنكا وجلعوط ، ومن هليل جاء أسمر ورمضون ، ومن زنكا رحيل وجربوع ، ومن جلعوط جاء صلوبي ، وللشيخ فدعوس الآن من الأولاد أحمد ومحمد ومحمود ، وأكثر إقامة هذا الشيخ في فصل الصيف حول السعن الأسود شمالي حمص ، ليكون على مقربة من شركائه الحمصيين ، وخاصة مع المدعو طه اللبابيدي ، ويذكر من وجهاء الفواعرة صفوق العفنان ومشرف العدلان ، وكانا على اتصال مستمر مع الشيخ طراد الملحم الذي كان يحاول بسط سيطرته على الفواعرة ، وقد اشتركت الفواعرة في الخلاف الذي نشب بين الأحسنة والنعيم وأنجدت الأحسنة في المعركة ، ولا تزال الفتن بينها وبين النعيم متواصلة إلى حين كتابة هذه السطور .
وقد نکبت الفواعرة في ربيع عامنا هذا ( ۱۹۶۷ م ) في منتجعاتها في الحماد بعاصفة رملية هوجاء قضت على الكلأ الذي كان قليلا ، وأهلكت نحو ربع ماشيتها من الجوع والعطش ، إلى أن أدركتها قوي البادية وسياراتها بالماء والغذاء ، وتنقلتها هي وماشيتها إلى المناهل والمراعي في غربي تدمر ، ولولا ذلك لقضي على هذه العشيرة ، وقد جرى مثل ذلك أو أقل في عشيرة الأحسنة والبوخميس والجملان وغيرهم أيضا .
3- فرق الفواعرة :
١- ( العلقاوین ) ۲۹۰ بيتة، رئيسهم صفوق العفنان ، أفخاذهم : العقلة والموسي والعبد الحي والخلاوين والحسينيين والسليان .
۲ – ( الحناحنة) ۹۰ بیتأ رئيسهم فرج أبو سليمان العواد ، أفخاذهم ، العرافي والشویشات .
۲ – ( المعيدين ) 40 بيتا ، رئيسهم خايل السليم ، أفخاذهم ؛ المشلا والممدوح .
4 – ( الطاريجة ) ۵۰ بیتا ، رئیسهم عبد السليم ، أفخاذهم ؛ الجبات والشهلة .
5- ( البهادلة ) ۵۰ بیتة، رئيسهم علي الوهبان ، أفخاذهم ؛ الخليفات والجروح والهدال .
6- ( التويمات ) ۵۰ بیتا ، رئيسهم صلبي العزاوي 15 منهم لحقوا راكان المرشد شیخ الأسبعة البطينات منذ ربع قرن
۷- ( الزيادنة ) ۳۰ بیتا ، رئيسهم محمد الدرويش القريشة .
۸- ( العرامنة ) ۲۰ بیتا ، رئيسهم درويش الشبلي .
۹- ( الهنادزة ) 40 بیتا ، رئيسهم مشرف العدلان . أفخاذهم ؛ القراق والفاضل .
۱۰ – ( العبيد ) السودان المنشقون عن الحناحنة ، ۱۲ بیتا رئیسهم حميدي العبود العيسی .