عشيرة الولد علي في حوران

عشائر قضاء الزويه في حوران

في هذا القضاء الصغير المساحة عدة عشائر بدوية ، بعضها من عنزة وبعضها من عربان الديرة ، فمن عنزة هنا بعض فرق الروالة التي لاتأتي في فصل القيظ، كالكواكبة والمعرض والنصير والدرعان وغيرها، وقد تملك أحد شيوخ الروالة وهو مجحم بن محمد بن هزاع الشعلان خربة تدعى ( ناب ) على طريق القنيطرة – فيق وشرع يستمرها ، ومن عنزة هنا عشيرة الولد علي المتوطنة منذ القديم ، وإليك وصفها :

عشيرة الولد علي في حوران

الولد علي وتلفظ كلمة الولد بكسر الواو وسكون اللام بمعني بني علي أو أولاد علي ، عشيرة عنزية صغيرة ، وهي من ضناً مسلم وبطن الوهب أو من بني وهب ، والوهب كما قدمنا هم الفريق الثاني من ضنا مسلم ،

وهم يغدون ويروحون بين بلاد الشام ونجد ، وكثرتهم الغالبة اليوم في المملكة السعودية ، ولولم يكن عشائر منهم في بلاد الشام وبيوت بارزة لكانت دراستهم في عشائر نجد أصح .

ويبدو أن وهبة جدهم الأعلى أعقب ولدين منبه وعلي ، فمن الولد الأول منبه جاء آل نبهان أو المنابهة المنقسمون إلى المساليخ أعقاب حسن بن منبه الذين منهم جلالة الملك عبد العزيز بن السعود وآله ، وإلى الأحسنة أعقاب حسین بن منبه ، وإلى خمعل الذي منه الحماعلة والفقراء ، وسيأتي بحث هؤلاء في عشائر محافظة حمص ، ومن الولد الثاني علي

جاءت عشيرة الولد علي المنقسمة إلى الأمشطة والأيدة ، والأيدة قسمان : الشماليون في بلاد الشام مع الأمشطة ، ويسمون أيضا ضنا مفرج ، والقبليون في الحجاز ونجد .

. فالولد علي إذا هم أبناء أعمام الأحسنة الذين في حمص ، باعتبارهم من الوهب وأقارب الروالة باعتبارهم من ضنا مسلم ، وفيهم بيوتات بارزة عريقة كبيت الطيار وبيت السمير ، وقد كانت حماية ركب الحج الشامي على عهد الحكومة العثمانية في يدهم ، يتعاورها رؤساؤهم بحسب الظروف ، وهي تدفع لهم جعلا معلومة لقاء قيامهم بهذه المهمة ، والطريق بين الشام والحجاز وما جاور الطريق كان يقع تحت سيطرتهم ونفوذهم دون منازع ، وعددهم الآن ۵۰۰ بیت ، وعندهم ۳۵۰۰ بعير و۱۰۰۰ شاة

. وقد كان العداء والتناحر قديمة متواصلين بين الولد علي والروالة رغم قرابتها ، وقد ازداد ذلك في عهد رئيس الولد علي محمد بن دوخي بن سمير ،

 وسببه فيها قيل أن الولد علي هم من طلائع عنزة الذين جاؤوا قبل غيرهم مع الأحسنة في القرن الحادي عشر الهجري ، ونازعوا عشائر أهل الشمال ( السرحان والسردية والصقور وبني صخر ) ، وحاربوها كثيرا حتى استطاعوا أن يشقوا لأنفسهم طريقا إلى الجولان ، التي هي منازلهم الحالية ، كما شقت الأحسنة طريقة لها إلى ديرة الشنبل ، ولما جاءت الروالة بعدهم با 60 – ۷۰ سنة أو أكثر لبثت مدة مديدة بين الجوف ووادي السرحان ، وأطراف البلقاء لاتستطيع التقدم نحو حوران والجولان ، من صولة الولد علي .

 بحيث أن الروالة وقتئذ كانت إذا أرادت أن تكتال ومتار من حوران ، تتوسط ابن سمير شیخ الولد علي لدى ولاة دمشق على ما ذكره برکهارت في رحلته ، وكان الولد علي في ذلك العهد على ما جاء في كتاب الدرر المفاخر محمد البسام ( يحملون الحاج ولهم صرة من الدولة العلية معينة كل سنة ) .

ودام هذا الحال إلى أن كثر عدد الروالة ، وتقوت وشرعت تنازع الولد علي ، وما زالت حتى ظهرت عليها ، وفازت بحصة الأسد ونفذت إلى منازلها الحالية في حوران وشرقي الغوطة .

وأقدم ذكر في كتب الرحلات والتاريخ للولد علي هو ما جاء في رحلة السائح السويسري بر کهارت في سنة ۱۲۲4 ه حيث قال :

« هؤلاء ينزلون غالبا على طريق الحج حتى قلعة الزرقاء ، ولشیوخهم من آل الطيار المقام العلي بين الرؤساء ، ومن ثم دعوا ( أبو عنزة ) وينقسم الولد علي إلى المشادقة ، وفي هؤلاء آل الطيار، وإلى الأمشطة وفيهم آل سمير ، ورئيس هؤلاء الأن دوخي بن سمير ، يعد أقوى رؤساء عنزة وإن كان أقل منزلة من الطيار ، وقوته نشأت من صلاته المتينة مع ولاة دمشق ، لأن له عادة تقديم الإبل لركب الحج ، وهو ينزل على بعد بضعة أيام عن دمشق ، وفي سنة ۱۸۱۰ م لجأ إليه يوسف باشا والي دمشق لما هرب من دمشق ،

 وأكبر فرق الأمشطة هي العواظر المؤلفة من  أسرة سمير الكبيرة ، وبعد أن ذکر فرق الولد علي المعروفة حتى الآن ، قال : كل هؤلاء يأخذون عوائد من الصرة حين مرور ركب الحج ، يدفعها إليهم باشا الحج إلا فرقة الطلوح ، فإنها تأخذ صرتها من استانبول » ، أهـ.

وجاء في حوادث سنة ۱۲۲۵ هـ. من تاريخ ( عنوان المجد في تاريخ نجد ) في بحث غارة الأمير سعود على أطراف الشام ما خلاصته :

وفيها سار سعود بجيوشه وقبائله وعددهم نحو ثمانية آلاف ، وقصد نقرة الشام ، لأنه بلغه أن بوادي الشام وعربانه عنزة وبني صخر وغيرهم فيها ، ولما وصل لم يجد أحدا ، وإذ قد سبقه النذير إليهم فاجتمعوا على دوخي بن سمير رئيس ولد علي من عنزة ، فانهزم بمن معه ، ونزلوا النور من حوران ، فسار سعود واجتاز بالقرى التي حول المزيريب وبصرى ، فنهب جموعه ما وجدوا وأحرقوا وقتلوا ثم رجع ، إلخ …

وفي مجموعة أسد رستم أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية كتاب تاريخه في صفر ۱۲۶۸ هـ من محمد علي باشا والي مصر إلى متسلم دمشق ، يحتم عليه استدعاء دوخي السمير شیخ عنزة ، والتشديد عليه بوجوب القيام بما تعهد به ، من نقل المهمات العسكرية ، وعدم التعدي على السكان الآمنين ،

وخلف دوخي ابنه محمد الذي حدثت له وقائع جمة مع الروالة ، فقد جاء في ( مجموعة المحررات السياسية ) في سورية ولبنان من سنة ۱۲۵۷ إلى سنة ۱۲۷۷ ه ( ۱۸۶۰ – ۱۸۹۰ م ) تعريب فيليب وفريد الخازن أن القنصل الإنكليزي برانت كتب في تقريره المؤرخ في ۲۲ آب سنة ۱۸۰۸ م

« أن عشيرة الولد علي بقيادة محمد الدوخني والروالة بقيادة فيصل الشعلان قد اقتتلا ، وأسفر عراكها عن خسارة خمسمئة قتيل من الفريقين تقريبا ، ويقال أن خسارة محمد الدوخي شيخ الولد علي كانت أعظم ، وفي تقرير ثان لهذا القنصل مؤرخ/ حزيران 1860 م أن مصطفى باشا المرابط في اللجاة بجنده ، قد هجم حديثا على فيصل الشعلان شيخ عشيرة الروالة ، بمساعدة محمد الدوخي شیخ الولد علي ، فأدركه وقتله مع ولده ، فعظمت صولة محمد الدوخي » ، أهـ.

هذا والقيادة العليا في الولد علي منذ القديم في أيدي أبناء سمير، وبيت سمير من بيوتات عنزة العريقة في قدمها ومجدها ، وقد كان أولهم كما قلنا دوخي بن سمير المتوفي في سنة ۱۲۶۸ هـ ، وآخرهم رشيد بن عبد الله بن محمد بن دوخي بن سمير المتوفي سنة ۱۳۶۱ هـ ، وتلفظ رشید بسكون الراء وفتح الشين وسكون الياء والدال .

 وقد حفظ الولد علي استقلالهم وكرامتهم تجاه أقاربهم الروالة عشرات السنين ، وساهموهم في المراعي والمناهل ، وأخيرا لما تمزقوا وذهبت ريحهم ، وأصبحوا بلا رؤساء ، صاروا في الشتاء ينجعون معهم ، ووراءهم إلى جبل عنزة ، وأحيانا إلى الجوف ، وهم مثل الروالة أهل إبل في الغالب .

وقد كانت الولد علي إلى أن مات رشيد بن سمير المذكور متحدة الكلمة والقيادة ، وكان رشید هذا المكنى بأبي نمر في عهد الترك ذا نفوذ ومكانة ، وكان مكلفاً كأسلافه شیوخ الولد علي ، بمواكبة الحج الشامي وحمايته ، وبنقل الأعتدة الحربية من دمشق إلى المدينة ، لقاء جعل كبير ،

وفي عهد المرحوم الملك فيصل وحينما جاءت اللجنة الأميركية في سنة ۱۲۳۸ هـ ( ۱۹۱۹ م ) لاستفتاء أهل بلاد الشام عما يختارونه من أساليب الحكم، خاصم رشيد المذكور القضية العربية وانحاز إلى الفرنسيين ، وأفتي إلى اللجنة المذكورة بانتدابهم .

 ثم ذهب إلى بيروت وقابل الجنرال غورو ، وتعهد له بالولاء وتأیید انتداب فرنسا ، وأعانه بالسر والعلن ما وسعه الجهد.

 وبعد أن احتل الجنرال المذكور دمشق وكل بلاد الشام، ظل الشيخ رشيد يحتجن الهبات والمعونات من الفرنسيين ، بحجة الأضرار التي ادعى وقوعها في أملاكه في قرية عين دكر من قبل موظفي الحكومة الفيصلية ،

 لكن نفوذ نوري الشعلان طغا عليه ، ولم تنفع محاولاته وشکایاته لاسترداد مكانته ، حتى مرض وانزوى في القرية المذكورة إلى أن مات من قهره سنة ( ۱۹۲۲ م ) عن ولدين أسمها نمر وطلال لم تطل أيامها ،

 فقد مات الأول في سنة ۱۹۲۶ م وقتل الثاني في سنة ۱۹۲۹ م ، ومن ثم انشقت العشيرة وافترقت إلى جذمين ، فتبع الجذم الأول الشيخ عناد بن مقاطر السمير، وتبع الجذم الثاني الشيخ سلطان بن سطام بن ضجعان بن صالح الطيار رئیس الأيدا الشماليين ..

ويذكر عن سلطان هذا أنه بارز بالذكاء والنشاط والشجاعة ، وقد سعى إلى أن يضم فرق عناد بن سمير إليه ، ويترأس كل الولد علي فلم يحالفه التوفيق ، لأنه رزح تحت الديون والأحكام الصادرة في حقه ، واضطر إلى أن يبعد عن وجه دائنيه في بلاد الشام، ويهاجر إلى تيماء في غربي نجد ، وقد حل هناك بين أقاربه الأيدا الجنوبيين ، يعيش بما رتبه له جلالة الملك ابن سعود .

ولما تواری سلطان الطيار ، راح كل فل من جذمه يلتحق بفرقة من ضنا مسلم ( الروالة والأحسنة ) ، وجرى أيضا بالجذم الأول ما جرى بالثاني أي تشتت وتفرق بين جموع الروالة ، وذلك من جراء الضعف الذي كان لرئيسه عناد بن سمير في بادئ أمره ، وعدم لحاقه بجماعته حين النجعة ، وتركه حبلهم على غاربهم ، واقتصاره على ۹۰ – ۷۰ بيتا من الذين صاروا ( شكارة ) لدى فلاحي قرى حوران ، حتى ظن الناس أن عشيرة الولد علي قد تمزقت وتبعثرت ، ولم تعد تقوم لها قائة ، لكن صلاح حال الشيخ عناد في السنين الأخيرة ، وتحسن موارده في الأراضي والطواحين ، في قرية عين دكر ، أعاد الرجاء في حسن قيادته للعشيرة ، وتمكنه من لم شعثها ، واستعادة مجدها القديم .

أما فرق الولد علي في الجذمين المذكورين فهي :

الجذم الأول – فرق ابن سمير ( الأمشطة )؛ العطيفات المنصور بن روس ، والعواظر الفدعوس بن هيبان ، والد مجان لعائد بن خليف ، والمجيبل لمناور بن جازي ، والجدالمة العمر الدويهي ، ومجموع هؤلاء ۳۵۰ بیتا .

الجذم الثاني – الأيدا الشماليون ( ضنا مفرج ) أو فرق سلطان الطيار ؛ الحمامدة الخليل بن طروح ، والطلوح لهويدي بن خليل ، والجبارة لجروح بن مقسم ، والمشادقة سلطان الطيار ، والصقمة لأبو الروس ، ومجموع هؤلاء ۱۰۰ بیتا . أما الأيدا الجنوبيون فهم في تياء ( غربي نجد ) ورئيسهم هناك محمد بن فرحان الأيدا .

هذا وفي النجعة تلتحق فرق الولد علي بالروالة ، حيثما ذهبت فتسير وراء ساقتها إلى جبل عنزة في الحماد أو إلى الجوف ، أما في الصيف فيمكث أكثرها في الجولان حول عين دکر ، وأحيانا تفد في الربيع إلى أنحاء الصيقل شرقي خان آبي الشامات ، وللشيخ عناد بن سمير في قرية عين دکر طواحين وأراضي زراعية نالها من تركة أبناء عمه رشید بن سمير ، وكان نوري الشعلان ينازعه عليها لأن إحدى زوجاته وهي بنت رشيد بن سمير ذات حصة فيها .

نسب آل سمير

– جدهم الأعلى سمير ومنه دوخي ، ومن دوخي نمر ومحمد ، ومن محمد تركي وعبد الله وبندر وفدغم وغالب وفرحان ، ومن عبد الله رشید ومشهور وعبد الكريم ، ومن رشید نمر وطلال وغزوة زوجة نوري الشعلان ، ومن فرحان بن محمد متعب ومقاط، ومن مقاط عناد ( الشيخ الحالي ) الذي له فرحان ونصر ومتعب . أما العشائر المتحضرة في هذا القضاء فهي : الدياب والفحيلية والمناظرة والتلاوية والكلابات .

Scroll to Top