بنو خالد
أصل عشيرة بنو خالد
قال القلقشندي في كتابه نهاية الأرب عنهم :
« بنو خالد عرب حمص بطن من بني مخزوم من قريش من العدنانية ، وهم رهط خالد بن الوليد ، وهم يدعون النسب إليه ، بينا أجمع النسابون على انقراض عقبه ، ولعلهم من ذوي قرابته من بني مخزوم »
قال في مسالك الأبصار :
« وكفاهم بذلك فخراً أن يكونوا من قريش ، وقد ذكر الحمداني أنهم من أحلاف آل فضل عرب الشام » ،
وقال السيد أبو الهدى الصيادي الخالدي في رسالته الروض البسام :
« وقد كان بنو خالد أعظم قبائل الشام شأناً ، وقد تغيرت الآن أحوالهم وضعف شأنهم ، فسبحان الذي لا يتغير ولا يزول ، وتتحير بصنعه العقول ، وقد انقسمت الآن عشيرتهم فرقة ، منها فرقة آل القاضي بديار دمشق ، وبقية فرق العشيرة بديار حماة ، وهم عدة بطون منهم الصيالة والزمول والبنوة والشقرة وغيرهم ، والرئاسة فيهم إلى الشيوخ آل عبد القادر » .
قلت يبدو من كلام القلقشندي أن بني خالد وجدوا في أنحاء حمص وحماة منذ القرن التاسع ، الذي كان فيه القلقشندي وربما من قبله ، وإذن يكونوا من أقدم عشائر الشام ، وأكبرها عدداً وأعلاها نجارة . لكن هذه العشيرة كما قال السيد أبو الهدى الصيادي انحلت على توالي الأيام ، وتقسمت إلى فرق تحمل هذا الاسم ، فبعضها في أقضية حماة وسلمية وحمص ، وبعضها في جبل شحشبو غربي قضاء المعرة وشمالي أفامية ، وبعضها في ناحية الرمتا من قضاء إربد شمالي شرقي الأردن ، وبعضها في مقاطعة القصيم غربي بلاد نجد ، وقسم كبير لا يزال في الحسا وهو الساحل الغربي من خليج البصرة ، ولعل الأصل من هؤلاء والتوزع والمجيء إلى بلاد الشام نشأ من هناك ، إما قديمة منذ القرن التاسع ، أو قبله النثبت قول القلقشندي ، أو حديثة في القرون المتأخرة لنثبت الرواية التي يتناقلونها ، قال فؤاد حمزة في كتابه ( قلب جزيرة العرب ) ص 146 تحت عنوان خالد :
« هذه القبيلة من القبائل العربية المعروفة ، ومنازلها على الخليج العربي ما بين وادي المقطع من الشمال ، ومقاطعة البياض في الجنوب ، وتتوغل حتى منطقة الصمان في الغرب ، وأن قسما لا يستهان به منها قد تحضر منذ زمن طويل ، واستقر في أنحاء عديدة من القصيم . وأفخاذ هذه القبيلة هي : العماير والصبيح وبنو فهد والمقدام والمحاشر والحبور والحميد ومنهم آل عريعر ، ومن الأفخاذ المتحضرة أناس في البحرين والقطيف ، وفي جزيرتي المساية وجنة وفي الجيل وقطر والحسا والفريفي والكويت والعقير » ، .
ومن الأدلة التي توحي قدوم بني خالد في القرون المتأخرة . وقد يكون ذلك لحاقة من سبقهم من أقاربهم الذين نوه بهم القلقشندي في كتابه صبح الأعشى – أن بني خالد تقص رواية في كيفية مجيئها من الحسا، ننقلها لفكاهتها ، ولأن فيها ذكرا لأمراء الموالي الذين يبرزون في كل بحث ، ويذكرون بأنهم سادة بوادي الشام كلها ، قالوا :
كان بنو خالد يعيشون في عهد قديم جداً في بلاد الحسا ، فجاءتهم ثلاثة أعوام شديدة المحل ، وكان الشيخ العشيرة إذ ذاك واسمه مشاري بن حميد بنت عابدة ناسكة ، تأوي إلى أكمة شاهقة ، فرأت ذات يوم حلها قصته على أبيها وقالت : رأيت ماء نقياً وثمراً شهياً ، والبعد من هنا إلى هذا الماء والثر نحو اثني وعشرين يوماً على النجائب ذهاباً وإياباً، وعلى القاصد أن يجعل نجمة القطب دائماً على يمينه قليلاً ، فأرسل أبوها ثلاثة رواد بلغوا في اليوم الحادي عشر تدمر ، فوجدوا فيها ما ذكرته ولما رجعوا حدثوا بما رأوه ، فعزمت العشيرة على السفر ، ولما بلغت تدمر لقت فيها أو في براريها عشيرة الموالي ، فطلب أمير الموالي من شیخ بني خالد أن يزوجه ابنته العابدة الملهمة ، ولما تردد الأب وطلب مهلة للتفكير بادره الأمير بالتهديد والوعيد ، فغضب أحد إخوان البنت وهجم على الأمير وقتله ، ودارت على أثر ذلك معركة حامية ، نكب فيها بنو خالد وأرغموا على العودة إلى الحسا، إلا أنهم بعد أن لبثوا في الحسا مدة مديدة خطرت تدمر على بالهم ، فقاموا وزحفوا إليها بقوة أعظم من قبل ، وخرقوا عمود الحمى الذي وضعه الموالي في مكان يقال له ( الحوة ) ، لمنع عشائر نجد والحسا من النفوذ إلى مناطقهم ، ثم نازلوا الموالي في قرية سوحة غربي عقيربات ، فكسروا وقتل منهم أربعون عريساً ، فرجعوا وغابوا نحو قرن كامل ، ثم عادوا ونازعوا الموالي على ديرة الشنبل ، وتواقعوا في مرج الحمراء شرقي حماة ، وكانت وقعة مروعة صارت الدبرة فيها على الموالي ، قتل فيها أميرهم بيد خالدي اسمه أبو حنيك من فرقة النبيط، قيل إن أسم الحمراء نشأ من أن تربة هذه القرية تخضبت بالنجيع الأحمر الذي سفكه الفريقان ، على أن هذا النصر لم يمكن الخالديين من الاستقرار في أنحاء حماة ، فانكفؤوا إلى أنحاء دير الزور ، وظلوا مدة غير يسيرة إلى أن صاروا يتوافدون زرافات زرافات ، ويتقوون كلما ضعف شأن الموالي وزالت روعتهم ، ولا يزال الخالديون يذكرون ثاراتهم عند الموالي ، حتى أنهم في كل مناسبة ينضمون إلى الأسبعة في نزاعها مع الموالي والحديديين كما جرى في سنة 1947 م وكما جرى حديثة في تشرين الثاني سنة 1945 م ، ومن وقائع بني خالد المشهورة تلك التي جرت بينهم وبين النعيم المسماة بوقعة معيان من أراضي بعلبك ، وكانت الغلبة لهم .
أملاك عشيرة بنو خالد
اشتهر بنو خالد بأنهم من أغنى عشائر الشام في عدد الماشية ، فعندهم فيها قبل نحو ۸۰۰۰۰ شاة و ۸۰۰۰ بعير ويقتنون من عتاق الخيل نحو ۲۰۰ رأس ، ويقيظ أكثرهم في شرقي محافظة حمص ، وبعضهم في شرقي قضاء حماة وشمالي قضاء سلمية ، وهم في الشتاء ينجعون أنحاء تدمر وبراري الحماد حول جبل التنف وجبل عنزة وخبرة الصلوبية وخبرة مرفية ، وقد يبلغون القعرة ومنطقة الوديان ، وهم لا يظعنون إلا بعد هطول الأمطار الموسمية في تشرين الثاني ، ومسلك نجعتهم جبل الشومرية فعين مران فالحجاز فعين البيضاء فالعليانية فالتنف ، ومنهم من يقيظ في براري الشامية في أنحاء السخنة وكديم والطيبة ، و إذا عادوا من نجعتهم في أواخر الربيع يتركون ماشيتهم في حدود أراضي المعمورة ، ويتوجهون إلى قراهم لحصادها ورجادها، وحينما يسمح لهم بإدخال ماشيتهم في الحقول المحصورة ، يبدؤون ببيع منتوج غنمهم من الصوف والسمن والخراف ، في أسواق حمص وحماة التي لهم فيها صلات طيبة .
عدد عشيرة بني خالد وفرقهم
وعدد بني خالد نحو ۱۵۰۰ بیت ، منها ۹۰۰ تنجع الحماد في كل عام ، وفرقهم وأفخاذهم متعددة ومتوزعة جدة ، أولها فرقة الزمول ، وقد كادت هذه الفرقة تنقلب زراعة ، وتهجر البداوة والظعن ،
وفيها من الأفخاذ ؛ الناصر وهو فخذ الشيوخ ، ثم أفخاذ الصبيحات والطعمة والنبيط والعليان والغنايم والعکارشة والزعيرات والنجاجير والمراوین والبريكات والرفيعيين والعجاجرة والمطايطة والعرار والصاغة والشليشات والحصوة والجرباوین . وهذه الأفخاذ يتراوح عدد كل منها بین ۲۵ – ۵۰ بیتا ،
وثمة فرق أصغر منها کالبياطرة والبطة والجبور والنهود والشمور، والشقرة وهؤلاء ينتمون إلى بني حسن في شرقي الأردن ، والعدد في كل من هؤلاء ۱۵ – ۳۰ إلا فرقة الرزيق فهي كبيرة ، وعددها ۱۰۰ وتنقسم إلى أربعة أفخاذ ، ولها رئیس خاص وهو أحمد الشبلي ، ومثلها فرقة الرطوب التي عددها أكثر ، أي زهاء ۳۰۰ ولها عدة أفخاذ أيضا في رئاسة محمود الدلي ، وجميع هذه الفرق في رئاسة الشيخ محمد بن عبد الكريم باشا الزراق الدندن مع وجود المخاتير لكل منها ، ومن بني خالد فرق قد بعدت عن العشيرة الأصلية كالزعيرات الضاربين في أراضي قضاء مصياف من محافظة اللاذقية ، وكفرق الخالديين القاطنين منذ أمد بعيد في جبل شحشبو غربي قضاء المعرة وقد انقلبوا فلاحين بتاتاً ، ومن هؤلاء فرق التويني والشقرة والبلوة والمضجي والرفيعي والصواجبة والفيافي ، وفي جنوبي المعرة من الخالديين فرق العرار والقيسي والنبيط والأبو غائب ،
وفي جبل الأحص في قضاء جبل سمعان فرقة الصيالة ۲۰۰ بیت ، وفي ناحية جب الجراح شرقي حمص فرقة البوادي من الرطوب ۱۰۰ بیتاً ، ومن بني خالد فرقة أنفصلت في أواسط القرن الماضي ، واضطرت إلى النزوح لنزاع قام بينها وبين عشيرة النعيم فيمت وجهها شطر الجولان حيث منازل عشيرة آل فضل ، فلم تمكنها هذه أيضا من الاستقرار ودحرتها فراحت إلى شمالي بلاد الأردن ، وتديرت ناحية الرمتا من قضاء عجلون ، وهي الآن هناك في مشيخة سعود القاضي ، ولها ثلاثة أفخاذ : الجبور والصبيحات والنهود ، ولكل من هؤلاء أفناد عديدة ، وجميعهم يأتون أحيانا للتقيظ في وادي اليرموك قرب درعا .
وكان بنو خالد الذين في ديار حماة ونعني بها فرقة الناصر ، وهي فرقة الشيوخ إلى قبل بضع سنوات يملكون قرى في قضاء سلمية كالخلة والعيور وصفينة وغيرها ، ثم باعوها من بعض سراة حماة ، وانزووا إلى بعض الحرب النائية من أملاك الدولة في شرقي وجنوبي ناحية جب الجراج من أعمال حمص ، واستأجروا في كل منها بضعة أفدنة كمسيعيد وأبولية ورسم الحجل والهبرة الشرقية والهبرة الغربية ومكسر الحصان ، وهؤلاء من فرق الرطوب والرزيق والنجاجير والغنايم والشمول .
وبنو خالد عامة عشيرة وديعة ، معروفة بحبها للهدوء والسلم ، وإطاعة أوامر الحكومة ، لكنها لتفرق كلمتها ، ولوفرة غناها من الغنم والإبل ظلت عرضة خلال سنين عديدة لهجمات أخصامها من عنزة ( ضنا مسلم ) ، ومن الموالي ومن النعيم ومن التركي إلى أن تم الصلح بينها وبينهم واستراحت ، وهي لعراقة نسبها ووسعة أماكن نجعتها واتحادها مع بعض عنزة ( ضنا عبيد الأسبعة ) وقت الحرب لم تتفق الكلمة على عدها من عشائر القسم الثاني ( الرعية ) بل من القسم الأول ، ويقدرون أن باستطاعتها أن تحشد للحرب 4000 خیال و 400 هجان و ۵۰۰ مشاة مع كل منهم بندقية .
رئاسة عشيرة بنو خالد
أما الرئاسة في بني خالد فهي منذ القديم في يد آل عبد القادر ( وتلفظ عبد الجادر) أعقاب الناصر الحد الأعلى للشيخ الحالي محمد بن عبد الكريم باشا الزراق الدندن ، وبينها فيا قبل ستة عشر شیخا ، وهم عضيب والناصر وعاصي الناصر وناصر العلي وعبد الجادر الناصر ودندن العبد الجادر ومحمد الدندن وعلي الدندن وعبد الرحمن العبد الجادر والحاج درویش بن محمد الدندن وزراق بن محمد الدندن وحويش بن علي الدندن وعبد الكريم بن زراق الدندن ومحمود عبد الجادر الدندن ومحمد الحويش الدندن ومحمد بن عبد الكريم باشا الدندن ، ولما شاخ عبد الكريم باشا وتوفي بالفلج في سنة ۱۳۶۳ هـ احتجن الرئاسة ابن عمه محمود عبد الجادر الدندن وهو ضابط قديم في الجيش الثاني ، ومن خريجي مدرسة العشائر ، لكن إدارته لم ترق للعشيرة ، فأكرهته على الاستقالة فخلفه ابن العم الثاني محمد الهويش الدندن ، وهذا أيضا لما لم يحسن الإدارة أكرهته بعد سنة على الاستقالة ، وقلدت الرئاسة لمحمد بن عبد الكريم باشا ، لكن قريبية المذكورين ظلا ينازعانه مما حمل مرة محمدا على الاستقالة ، فعاد رؤساء العشيرة في مؤتمرهم الذي عقدوه في سلمية وأصروا على بقائه ، فظل من ذلك الحين يقوم بالإدارة بجدارة ونشاطر ،
ويذكر عن المرحوم عبد الكريم باشا أبو الشيخ الحالي أنه نال رتبة الباشوية في عهد السلطان عبد الحميد، وكان يأخذ هو وأفراد عائلته قسماً من أوقاف جامع سیدنا خالد بن الوليد في حمص ، لدعواهم الانتساب إليه أو إلى عشيرته بني مخزوم ، وكان هذا الباشا ذا خصال حميدة من الكرم والوفاء ، والحلم عند المقدرة ، والمكانة عند الحكام ، وقد بلغ في كرمه وجوده حدا حاتمیاً ، ح
دثني السيد عبد القادر فهيم مدير ناحية عقيربات سابقاً أن هذا الباشا في سني الحرب العامة السابقة ظل ينفق على الجياع والمعوزين من عشيرته ، حتى لم يبق لديه شيء من الأثاث والمتاع ، سوى بندقيته ودلة قهوته وفروته التي جعلها غطاءه ووطاءه ، وجاءه بعد سائل فلم يجد ما يعطيه سوى البندقية ، فقال له : خذها يا هذا وبعها وأنفق ثمنها ، ثم احتفظ هو بالدلة وحدها لأنه كان لا يستغني عنها في قرى ضيوفه ، وما زال على هذا النحو حتى لقي ربه ، وقيل عن ابنه الشيخ الحالي أنه يقتفي أثر والده في الجود ، وحسن الخلق والتقى والعقيدة الوطنية والمبدأ القويم ، وهو بذلك ممدوح السيرة كثيرة . “
شجرة نسب بیت دندن الخالديين :
رأس بیت دندن هو محمد الدندن العبد الجادر الناصر ، وقد أعقب هذا الحاج درویش وعبد القادر وعلي وزراق ، فمن الحاج درویش جاء صالح ومن هذا درویش ، ومن عبد القادر جاء جمعة وعبد الرحمن ومحمود وأحمد، ومن علي جاء حويش ومن هذا محمد ، ومن زراق جاء عبد الكريم باشا ومن هذا محمد ( الشيخ الحالي ) الذي منه ثلاثة أولاد عبد العزيز وعبد الرزاق وفجر .