قبل ان نتحدث عن عيسى عليه السلام سوف نتحدث عن أمه مريم البتول عليها السلام وبي البداية نقول ان الله سبحانه وتعالى قد اصطفى من الخلق أناس هو أعلم بهم وفي اصطفاء الله تعالى لهؤلاء الناس حكمة إلهية لا يعلمها إلا هو ومن بين من اصطفى الله تعالى من البشر كان آدم عليه السلام ثم نوح ثم آل إبراهيم وهم اليهود وهذا الاصطفاء هو تكليف من الله لهؤلاء لكي يكونوا هداة للخلق ومشاعل تضيء ويسير الناس على ضوءهم أزمان وازمان ؛
يقول الله سبحانه وتعالى : ‘ إن الله اصطفى ادم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ” (آل عمران – 33 ) ؛
ويقول الله تعالى عن اصطفاء مريم البتول عليها السلام : ” إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على العالمين ” ( آل عمران -41 ).
فمريم ابنة عمران عليها السلام وأمها حنة التي نذرت لله سبحانه وتعالى نذر لإن كان هذا الذي في بطنها ولد سوف يكون في خدمة الرب ولكن حنة عندما ولدت اكتشفت انها ولدت أنثى فتوجهت إلى الله تعالى تساله عن نذرها وكيف تسعى به والمولودة أنثى ودعت الله أن يحفظها وذريتها من الشيطان الرجيم , وأصرت حنة على نذرها وأخذت وليدتها وتوجهت بها إلى المعبد الذي كان يتراسه زكريا عليه السلام ولما رآها زكريا وباقي الكهنة تسابقوا فيما بينهم على من يكفلها وتكون في خدمته واقترعوا فيما بينهم ووقعت القرعة على زكريا عليه السلام وكفلها زكريا ؛ ورباها نبي الله وسقاها من نبع النبوة الصافي فكانت في خلقها الكريم لا تضاهيها امراة في عصرها وصدق رينا حين قال “٠ واصطفاك على نساء العالمين ” ؛ وشبت مريم عليها السلام في المعبد فكانت لا تخرج منه إلا لضرورة .
تهيئي مريم لتلقي المعجزة الكبرى :
أولا : اصطفاء الله لها :
إن الله سبحانه وتعالى اصطفى مريم عليها السلام من بين نساء العالمين ؛ يقول رينا سبحانه وتعالى : ” يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على العالمين”(آل عمران -41).
ونرى ان الله سبحانه وتعالى جعل تأهيل مريم لتلقي المعجزة الكبرى بالاصطفاء أولاً ثم بالخضوع والعبادة وتنزيه الله لها ووصفها بالطهر لهو خير دليل على تهيئة الله سبحانه وتعالى لمريم .
ثانيا : معجزاتها :
إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وهو اعلم بهم وبما يدور أذهانهم لذلك فإن الله تعالى اجرى بعضاً من معجزاته على أيدي مريم عليها السلام ليكون ذلك تهيئة للناس ولأذهانهم لقبول المعجزة الكبرى وهي ميلاد عيسى عليه السلام من غير أب .
فكان زكريا عليه السلام يدخل على مريم فيجد فاكهة الصيف 4 الشناء وفاكهة الشتاء الصيف يقول رينا سبحانه وتعالى :” كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم انى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ” ( آل عمران – 37 ) .
وكانت مريم عليها السلام قانتة لريها عابدة له قائمة محرابها تصلي ليلاً ونهاراً وتقوم على خدمة نبي الله زكريا عليه السلام .
ثالثاً : التبشير قبل وقوع الحادثة :
كان تبشير الله سبحانه وتعالى لمريم عليها السلام بأنها سوف تلد ولد وسوف يكون هذا الولد من غير أب بل نفخة من الله تعالى القاها في رحم مريم ويهذا التبشير يكون ربنا سبحانه هيئها نفسياً لقبول هذه المعجزة وهيأ المجتمع الذي حولها أيضا لقبولهم المعجزة ؛
يقول رينا سبحانه وتعالى مبينا كيف بشر مريم عليها السلام بهذه المعجزة وماذا كان موقفها من هذه البشارة » يقول الله تعالى :
‘ إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والأخرة ومن المقريين . ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين . قالت ربي أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشرثالت كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ” .
كيفية الحمل :
بعد أن هيئها الله تعالى بالاصطفاء ثم بالعبادة والتقوى وبعد أن بشرها بأنها سوف يكون لها ولد ورد مريم عليها السلام قائلة أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر فرد الله تعالى عليها قائلاً إن الله يخلق ما يشاء إذا قضى امرا فأنما يقول له كن فيكون .
ومعجزة عيسى عليه السلام دليل قاطع على قدرة الله المطلقة الغير مربوطة بسبب بل إنه يقول للشيء كن فيكون .
كانت مريم لا تخرج من محرابها إلا لقضاء حاجة ضرورية لها وذات يوم ارادت ان تملأ قربتها بالماء فخرجت بعيداً عن الناس فبعث الله تعالى جبريل على هيئة رجل حسن الهيئة والمنظر فلما راته مريم فزعت منه واستعاذت بالله لأن لا يلحق بها أذى ولكن جبريل عليه السلام رد عليها قائلاً إنما أنا رسول ريك لأهب لك غلاماً زكيا ونفخ جبريل عليه السلام في جيب مريم فحملت كما تحمل النساء والقرآن سرد هذه الواقعة في افضل صورة واروع بيان ,
يقول رينا : ” واذكر الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها من مكاناً شرقياً . فاتخذت من دونهم حجاباً وارسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً . قالت إني اعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً . قال إنما ان رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً . قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً . قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً . فحملته فانتبذت به مكانا قصيا.”(مريم21-15)
وفي هذه الفنرة كانت مريم مخطوية ليوسف النجار وتحدثت المصادر المسيحية أن يوسف النجار راى رؤيا في المنام أن لا يتركها بعد حملها وورد ذلك إنجيل متى الإصحاح الأول :” أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا لما كانت مريم امه مخطوية ليوسف قبل ان يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس فيوسف رجلها إذا كان بارولم يشاء أن يشهدها اراد تخليتها سر ولكن فيما هو متفكر ف هذا الأمر إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخد مريم امراتك لأن الذي حبل بما فيها هو من الروح القدس فتلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم . وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب يا النبي القائل . هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عماتوئيل الذي تفسيره الله معنا ” ( إنجيل متى الإصحاح الأول 18 -24 ) .
ولادة عيسى عليه السلام :
ويعد حمل مريم عليها السلام بنبي الله عيسى كانت دائمة التستر والتخضي والبعد عن الناس لأنها بمنطق الدنيا لا يمكن ان تواجههم لأنهم سوف يرمونها بما ليس فيها لذلك كانت مريم تتخذ دائماً الأماكن البعيدة لكي تنزوي فيها وذات مرة جاءها الخاض ووكانت وحيدة لا معين يعينها على ما هي فيه إلا رب البرية سبحانه وتعالى ؛
وفي ذروة مخاضها وتعبها جعلها رينا سبحانه وتعالى تاخذ بالأسباب والقرآن يصور لنا الموقف تصويراً بيانياً رائعاً ونقلاً دقيقا للحدث يقول رينا سيحانه وتعالى :
* فحملته فانتبدت به مكاناً قصيًا . فأجاءها المخاض إلى جزع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً . فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا . وهزي إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً . فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر احدا فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أ كلم اليوم إنسيا . ” (مريم 21 – 23) .
والمصادر المسيحية تذكر لنا الحدث أيضاً – حدث ميلاد المسيح – وتقول المصادر أن المسيح ولد في خان قد نزل فيه يوسف ومريم ولشدة فقرهما لم يكن هناك مأوى لها في الخان سوى مكان الدواب ويعد ولادة المسيح عليه السلام فطمته امه ووضعته في مزود البقرء وفي يوم ميلاده لاحت في الأفق نجمة وعرفه جماعة من المجوس وَفي ليلة ميلاده ظهر ملاك الرب لجماعة من الرعاة كانوا بالقرب من مكان ولادته يحرصون قطعاناً لهم وراوا جمهور من الملائكة مسبحين قائلين : ‘ المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة ” وترك الرعاة القطعان وذهبوا إلى مكان وجوده فرأوه في المزود وعادوا وهم يسبحون الله ويمجدونه , وكان ولادة عيسى عليه السلام في عهد هيرودوس الملك وقد ختن المسيح على ثمانية ايام وسمي يسوع أي المخلص .
ويعد ولادته بأيام وفد إلى أورشليم جماعة من حكماء المجوس وقالوا بانهم لاح لهم نجم عرفوا أنه نجم مولود جديد وهو ملك اليهود المناد به ؛ وعرف هيرودوس بقدومهم فدعاهم إليه وتاكد من نباهم وقال لهم حين تجدون الصبي أعلموني بمكانه لكي أسجد له مثلكم ولكنهم لم يصدقوه وسأل أحبار اليهود ورهبانهم آين يولد المسيح فقالوا في بيت لحم فقال للمجوس اذهبوا إلى بيت لحم وذهبوا والنجم يتقدمهم ووجدوا الصبي وأمه فسجدوا له وقدموا له الهدايا ذهباً ولباساً ؛ ومد ؛ وعاد جماعة المجوس من حيث أتوا ولم يعرجوا إلى المللك وعندما علم الملك بصحة كلامهم خاف على ملكه وأمرأن يقتل كل صبي دون السنتان زاعماأ أن يكون يسوع منهم ؛ وظهر ملاك الرب ليوسف وقال له قم خذ الصبي وأمه وأهرب إلى مصر ورحلت الأسرة إلى مصر ونزلت في مكان أصبح دير المحرق فيما بعد ؛ وبعد مكوثهم مدة في مصر غير طويلة ظهر ملاك الرب ليوسف قائلاً له قم وخذ الصبي وعد من حيث اتيت لأن هيرودوس قد مات وعادت العائلة المقدسة إلى فلسطين واقاموا في الناصرة ولما بلغ الثلاثين من عمره غمر ف نهر الأردن غمرة يوحنا المعمدان ثم صام أربعين يوماً .
والمصادر المسيحية لم تذكر لنا تفاصيل دقيقه عن حياته منذن عودته ويوسف إلى فلسطين حنى بلوغه سن الثلاثين ولم يرد أي تفاصيل عنه يوم ميلاده ولا عن سنة ميلاده على وجه الدقة وهذه الفترة التي أهملتها الأناجيل فترة طويلة مند عودته إلى تعميده على يد يوحنا المعمدان في =نهر الأردن وإليك ما ورد في الأناجيل حول ميلاد عيسى عليه السلام :
- إنجيل متى الإصحاح الثاني من 1 – 6 :
ولماولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودوس الملك إذا مجوس من الشرق قد جاءوا إلى أورشليم . قائلين أين هوالمولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمة في الشرق واتينا نسجد له . فلما سمع هيرودوس الملك اضطرب وجمع أورشليم معه . فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم أين يولد المسيح . فقَالوا له في بيت لحم اليهودية لأنه هكذا مكتوب با النبي . وأمنت يا بيت لحم أرض يهوذا الصغرى بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يدعي شعب إسرائيل” .
وبذلك نرى ان الإنجيل لم يذكر يوم ميلاده بالدقة ولا السنة التي ولد
- إنجيل مرقس – الإصحاح الأول 1 -4
‘ ابدأ إنجيل يسوع المسيح ابن الله كما هو مكتوب في الأنباء ها ان ارسل إمام وجهك ملاكي الذي يضيء طريقك قدامك . صوت صارخ في البرية أعده طريق الله الرب اصنعوا سبيله مستقيمة . كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبه لمففرة الخطايا ” .
ونرى أن إنجيل مرقس لم يذكر اي شيء عن ميلاد المسيح ولا في اي الأزمان ولد والإنجيل بدا من غمرة يوحنا في نهر الأردن وأهمل ميلاد المسيح وسنة ميلاده ولم يذكراي شيء عنها على الإطلاق برغم من الأهمية القصوى لتلك الأحداث .
- إنجيل لوقا – الإصحاح الثاني 1 – 5 :
وفي تلك الأيام صدر أمر من أغسطس قيصر بان يكتتب كل الكوفة . وهذا الاكتتاب الأول جرى إذا كان كيرنيوس والي سورية . فذهب الجمع يكتتبو كل واحد إلى مدينته . فصعد يوسف أيضاً من الجليل الناصرة إلى اليهودية إلى مدينة داوده التي تدعى بيت لحم لكونه من بيت داود وعشيرته ليكتتب مع مدين امراته المخطوبة وهي حبلى وبينما هي هناك تمت أيامها لتلد . فولدت ابنها البكر وفطمته وأضجعته المزود إذا لم يكن لها موضع المنزل” .
ويذلك نرى أيضا أن إنجيل لوقا ذكر لنا بعضا من الأحداث ولكن لم يروي ظمئنا حول معرفة يوم ولا سنة ميلاد المسيح عليه السلام .
- إنجيل يوحنا – اللإصحاح الأول 1 – 5 :
‘ في البدء كان الكلمة والكلمة كان عن الله وكان الكلمة الله . هذا كان في البدء عند الله . كل شيء به كان ويغيره لم يكن شيء من كان . فيه كانت الحياة والحياة كانت نورالناس . والنوريضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه.
أيضاً الاهمال الواضح في عدم ذكر ميلاد المسيح عليه السلام برغم من كونه حدثاً جلل بالنسبة لكل اتباع المسيح ولكن الإنجيل بدأ بداية فلسفية بصعب على العامة فهمها .