ربيع الأول
ولد النبي – ع – يوم الاثنين من هذا الشهر ، فعن أبي قتادة الأنصاري أن النبي – ع – سئل عن صيام يوم الاثنين فقال : ( ذاك يوم ولدت فيه وأنزلت على فيه النبوة )،
أما ولادة النبي – ع – يوم الاثنين فكالمجمع عليه بين العلماء وقد قاله ابن عباس وغيره ،
وأما شهر ولادته -ع – فقد اختلف فيه فقيل في شهر رمضان وقيل في رجب وكلاهما لا يصح فالمشهور بين الناس أنه ولد – ع – في شهر ربيع الأول حتى نقل ابن الجوزي وغيره عليه الاتفاق ولكنه قول جمهور العلماء .
وقد ولد – ع – عام الفيل و كانت قصة الفيل توطئة لنبوته وتقدمة لظهوره وبعثته ، قال إبراهيم بن المنذر الحزامي : و الذي لا يشك فيه أحد من علمائنا أنه – ع – ولد عام الفيل ،، وقال خليفة بن خياط : هذا هو المجمع عليه .
وفي المسند عن ابن عباس قال : « ولد النبي – ع – يوم الاثنين واستنبيء يوم الاثنين وخرج مهاجرا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين .
قال ابن رجب : « وذكر ابن إسحاق ، أن النبوة نزلت يوم الجمعة و حديث أبي قتادة يرد هذا واختلفوا في أي شهر كان ابتداء النبوة فقيل في رمضان وقيل في رجب ولا يصح وقيل في ربيع الأول وقيل إنه نبیء يوم الاثنين لثمان من ربيع الأول ، وأما الإسراء فقيل كان في رجب وضعفه غير واحد وقيل كان في ربيع الأول وهو قول إبراهيم الحربي وغيره ، وأما دخول المدينة ووفاته فكانا في ربيع الأول بغير خلاف مع اختلاف في تعيين ذلك اليوم من أيام الشهر .
وما يفعله المسلمون في الليلة الثانية عشرة من هذا الشهر من احتفالات وإقامة للسرادقات لتلاوة القرآن والإنشاد والمديح فليس له أساس من التاريخ والشرع ، لأنه لم يثبت أن ولادة النبي – ع – كانت تلك الليلة وقد اختلفت الأقوال في ذلك فزعم البعض أن ولادته في اليوم الثاني من الشهر وبعضهم في الثامن وبعضهم في التاسع وبعضهم في العاشر وبعضهم في الثاني عشر ( وهذا قول جمهور هم ) وبعضهم في السابع عشر وبعضهم في الثاني والعشرين إلا أن بعض المعاصرين حقق أنه كان في اليوم التاسع والله أعلم . يقول ابن تيمية في كتابه « اقتضاء الصراط المستقيم » :
« ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى وإما محبة للنبي – ع – وتعظيما له من اتخاذ مولد النبي – ع – عيدا مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له وعدم المانع ولو كان خيرا محضا أو راجحا كان السلف أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة للنبي – ع – وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص وإنما كانت محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهرا وباطنا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان ، وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصاء على هذه البدع تجدهم فاترين في أمر الرسول – ع – مما أمروا بالنشاط فيه وإنما هم بمنزلة من يحلى المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه .
وقد انقضت قرون الخيرية الثلاثة دون الاحتفال بيوم مولده – ع – على مثل هذا النحو ولو كان خيرا لسبقونا إليه .
فالواجب على المسلمين كأفراد ودول وجماعات أن يعودوا لكتاب ربهم وسنة نبيهم – ع – علماً وعملاً وتحكيماً وفيما شرعه الله تعالى من تعظیم رسوله – – ووسائل محبته ما يغني عن كل وسيلة تبتدع و تخترع قال تعالى :
( وأن هذا صراطی مستقیما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بکم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) .