الحلة
ينقل الأزهري تعريف أبي عبيد للحلة فيقول:
«الحلل : برود اليمن من مواضيع مختلفة منها. قال: والحلة إزار ورداء ، لا تسمي حلة حتى تكون ثوبين» .
ومصادر الحديث التي بين أيدينا فيها إشارات كثيرة إلى الحلة سنذكر طرفا منها.
فقد صنعت عائشة رضي الله عنها حلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من صوف فلبسها فلما عرق وجد ريح الصوف فقذفها .
ولدينا إشارات كثيرة إلى الحلة الحمراء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم کان يلبسها. يقول البراء بن عازب رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا، وقد رأيته في حلة حمراء، ما رأيت شيئا أحسن منه .
وجابر بن سمرة رضي الله عنه، يقول: رأيت رسول الله له في ليلة أضحيان – مقمر مضيء – فجعلت أنظر إلى رسول الله ؟ وإلى القمر وعليه حلة حمراء فإذا هو عندي أحسن من القمر.
كما حدث عون بن أبي جحفة أن أباه أبصر النبي في حلة حمراء مشمرا.
وفي رواية أخرى لعون عن أبيه قال: …. ثم خرج رسول الله ، وعليه حلة حمراء برود يمانية قطری .
ووجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حلة من استبرق تباع بالسوق فأتي بها رسول الله ، فقال : يا رسول الله ابتع هه فتجمل بها للعيد وللوفد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما هذه لباس من لا خلاق له» .
وفي رواية مقاربة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى حلة سيراء تباع عند باب المسجد، فقال : يا رسول الله ! لو اشتريت هذه فلبستها للناس يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك. فقال رسول الله : «إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة».
کما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عطاردا التميمي يقيم في السوق حلة سيراء فلو اشتريتها
. ويعلق شيخ الإسلام ابن القيم، على اللون الأحمر لحلة النبي صلى الله عليه وسلم فيقول:
«وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتة لا يخالطها غيرها، وإنما الحلة الحمراء بردان مانیان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمانية، وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر، وإلا فالأحمر البحت منهي عنه أشد النهي .
فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك … فقال رسول الله : «إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة».
والروايات تحدثنا كذلك أنه أتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحلل سيراء ففرقها بين أصحابه ، منهم عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، ولكنه عليه الصلاة والسلام لم يأمرهم بلبسها بل طلب منهم الاستفادة بها في وجوه مختلفة كالبيع والهدية.
وهناك ضروب أخرى من الحلل تنسب إلى البلدان التي تأتي منها مثل: حلل المعافر، فقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض بن حمال على سبعين حلة من قيمة وفاء المعافري ، كل سنة عمن بقي من سبأ مأرب .
وحلل نجران، حيث صالح رسول الله ة أهل نجران على ألفي حلة، النصف
في صفر والبقية في رجب يؤدونها إلى المسلمين.
ومنها الحلة اليمنية ، فعند وفاة رسول الله و أدرج في حلة يمنية، ثم نزعت عنه وحلة القطري، وقد شوهد أبو ذر رضي الله عنه بالمسجد وعليه حلة قطري.
وآخر أنواع الحلل التي يمكن الإشارة إليها هنا، الحلة الصفورية، فحين جاء رسول قیصر إلى رسول الله ة أثناء مقامه في تبوك، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«إنك رسول قوم وأن لك حقا ولكن جئتنا ونحن مرملون . » فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: أنا أكسوه حلة صفورية. وقال رجل من الأنصار وعلي ضيافته» .
والحلة من الهدايا الثمينة التي يتهاداها رؤساء القوم ووجهاؤهم. وهذا النوع من الحلل باهظ الثمن، فقد أهدى ملك ذي يزن إلى النبي
صلى الله عليه وسلم حلة قيمتها ثلاثة وثلاثون بعيرا أو ناقة .
وأهدی رسول الله ة إلى ذي يزن حلة قيمتها بضعة وعشرون قلوصا.
كما أهدی رسول الله له إلى النجاشي صاحب الحبشة حلة وأواني من مسك.
وثمن تلك الحلة غير معروف.
وما أشير إليه من أثمان الحلل لا يعكس بطبيعة الحال ثمن الحلة التي يلبسها عامة الناس، فلا بد أن حلل العامة معقولة الثمن. وفي متناول الكثيرين. فقد صالح النبي أهل نجران على ألفي حلة .. ثمن كل حلة أوقية والأوقية وزن أربعين درهما. وربما تساوي بعض الحلل دينارا واحدا.
مما تقدم يمكن القول إن الحلة تتألف من قطعتين من النسيج : إزار ورداء.
وأنها تكون من الصوف کا تكون من الاستبرق والسيراء وربما من أنسجة مختلفة.
ومن أشهر الحلل: النجرانية والمعافرية واليمنية. وهناك أنواع أخرى كالقطرية والصفورية .
والحلل في العهد النبوي استخدمت لباساً للأحياء كما أنه کفن بها الأموات وأهديت إلى كبار القوم .
والحلة تأتي على ألوان منها الأحمر.
والشيء الذي لم توضحه الروايات المتقدمة هو: أيشترط في الحلة أن تكون ذات لون واحد؟ أم ليس هناك ما يمنع من أن يكون لون الإزار مختلفا عن الرداء مثلا؟