الزيدية
هم أصحاب زيد بن على زين العابدين بن الحسين بن على وهم أكثر تسامحاً من غيرهم من الشيعة والبعد عن مهاجمة أبى بكر وعمر بل إقرارهم بصحة خلافتيهما وإن كان (على) أفضل منهما ولهم فى ذلك رأى.
وقد بذلت هذه الفرقة الدماء الزكية لتعبر تعبيراً صادقاً عن الاتجاه السياسي فى التشيع، وكان (زيد بن على) أول علوي يقاوم بني أمية بالسلاح ويسعى لهدم ملكهم والاستيلاء على كرسي الحكم، وقد استُشهد فى خروجه ورسم لأصحابه هذا الطريق فساروا عليه وكونوا خلافة تجمع بين السلطتين الدينية والزمنية وما زال امتدادها قائماً حتى اليوم فى اليمن، وقد تمكن الزيدية من تكوين دولة فى أرض الديلم فى جنوب بحر الخزر سنة 250 هـ أسسها الحسن بن يزيد ثم أقاموا دولة ثانية فى اليمن، ومن فرق الزيدية كما ذكر المسعودي فى مروج الذهب – الجارودية و المرئية والأبرقية واليعقوبية والأبترية والجريرية والعقبية واليمانية.
عقيدتهم:
أجاز الزيدية الإمامة فى كل أولاد فاطمة بشروط لابد من توافرها منها العلم والزهد والشجاعة والسخاء سواء كان جدة الحسن أم الحسين ويضاف لذلك القدرة على القتال وأن يكون سليم الحواس الخمس،
والإمامة عندهم ليست بالنص أى أنه لا ينص على الإمام بل كل من توافرت فيه الشروط السابقة جازت إمامته فالإمامة ليست بالوراثة إنما بالبيعة كما إنهم يُجيزون وجود أكثر من إمام فى وقت واحد فى قطرين مختلفين،
ومذهب الزيدية يميل للاعتزال وهو أقرب مذاهب الشيعة لأهل السنة، وتقول الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل بمعنى أنه لا يشترط فى الإمام أن يكون أفضل الناس جميعاً بل يمكن أن يكون هناك إماماً للمسلمين على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه وأحق منه بالإمامة لذلك قالوا كان (على) أفضل الصحابة إلا أن الخلافة فوضت (لأبى بكر) و (عمر) لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها وهذه الفلسفة معتدلة،
فالزيدية لا يهاجمون الخلفاء الراشدين، وعقيدة الزيدية ترى أن صانع الكبيرة مخلد فى النار ما لم يتب توبة نصوحاً وهم يرفضون التصوف رفضاً باتاً،
والزيدية تشارك بقية فرق الشيعة فى جواز التقية ولكنها تخالف الأمامية فى زواج المتعة فهي تُحرمه،
وهناك اتفاق كامل بين الزيدية وبين السنة فى صلب العبادات وفرائضها واختلاف قليل فى الفروع، ففي الآذان يقولون (حي عل خير العمل) ويكبرون خمس تكبيرات فى صلاة الجنازة وصلاة العيد عندهم من الفروض وتصح فرادى وجماعة وصلاة التراويح جماعة يعتبرونها بدعة والوتر سنة وهو ثلاث ركعات متصلة ويرفضون الصلاة خلف الفاجر.
ولابد من تخصيص النية فى الوضوء لكل صلاة، والزيدية توجب على المسلمين الاجتهاد فإن عجزوا عنه جاز التقليد وتقليد أهل البيت أول من غيرهم، كما يوجبوا ضرورة الخروج على إمام الجور ولا تجب طاعته،
وهم أقرب فرق الشيعة للسنة لميلهم للقصد والاعتدال وهم لا يرفعون مكانة الإمام لمرتبة تقارب الأنبياء بل يحترمونه ويقدمونه على سائر المسلمين،
وقد استمرت الزيدية على نهج الإمام زيد من حيث القصد والاعتدال وهم الزيدية اليمنية،
أما باقي فرق الزيدية كالجارودية والسليمانية والصالحية فمالت للاعتدال فى بعض الأحكام وللشطط فى بعضها كما خالفت رأى الإمام (زيد) فى (أبى بكر) و (عمر) وهم على مذهب أبى حنيفة.
ويقول عنهم “الإمام أبو زهرة ” هي أقرب الفرق الشيعية إلى الجماعة الإسلامية وأكثر اعتدالاً وهى لم ترفع الأئمة لمرتبة النبوة بل اعتبروهم كسائر الناس ولكنهم أفضل الناس بعد الرسول كما لم يكفروا أحد من أصحابه خصوصاً من بايعهم (على) واعترف بإمامتهم، ويقول عنهم عبد القاهر البغدادي (فرق الزيدية معدودون فى فرق الأمة).