فرق الخوارج:
كان الخوارج كثيري الاختلاف فيما بينهم لأصغر الأمور مما جعلهم ينقسمون لعدة فرق أهمها: المحكمة الأولى، الأزارقة، النجدات، الصفرية والعجاردة والإباضية و فرقتين خارجتين عن الإسلام وهما اليزيدية والميمونية.
1- المحكمة الأولى :
هم من خرجوا على (على) ثم رفضوا التحكيم وانحازوا إلى حروراء واستطاع (على) مناظرتهم ووضحت حجته عليهم فاستأمن إليه عدد منهم ثم خرج الباقون لقتاله فخرج (على) إليهم فنظارهم حتى أقنعهم واستأمن إليهم منهم ثمانية آلاف وانفرد أربعة آلاف بقتاله فقاتلهم (على) فُقتلت الخوارج ولم يبق منهم غير تسعة أنفس.
2- الأزارقة:
هم أتباع نافع ابن الأزرق وهم يرون أن مخالفيهم من هذه الأمة مشركون كما يكفرون (على) و (عثمان) وأصحاب الجمل وعبد الله بن عباس.
كما يقولون أن القعدة ممن كان على رأيهم عن الهجرة إليهم مشركون، ومنهم من استباح قتل نساء وأطفال مخالفيهم وزعموا أن أبناء مخالفيهم والمشركون مخلدون فى النار،
كما يرون أن التقية – إظهار قول أو فعل لا يؤمن به صاحبه- غير جائزة فى قول أو عمل، كما أجازوا أن يبعث الله نبياً يعلم أنه يكفر بعد نبوته أو كان كافراً قبل البعثة،
وزعموا أن دار مخالفيهم دار كُفر وأنكروا حد الرجم، ولم يقيموا الحد على قاذف الرجل المحصن وأقاموه على قاذف المحصنات من النساء، وقطعوا يد السارق فى القليل والكثير،
وقد أكفرتهم الأمة لهذه البدع، قاتلهم المهلب بن أبى صفرة 19 عاماً فى أيام عبد الله بن الزبير ثم عبد الملك بن مروان حتى وقع خلاف بين الأزارقه وتمت مطاردتهم حتى قُتلوا جميعاً.
3- النجدات:
هم أتباع نجدة بن عامر الحنفي ومن بدعه أنه قال أن أصحاب الحدود من موافقيه لعل الله لن يعذبهم بذنوبهم وزعم أن مخالفيه يدخلون النار. وأسقط حد الخمر وقال أن من نظر نظرة صغيرة أو كذب كذبه صغيرة فأصر عليها فهو مشرك ومن زنا وسرق وشرب الخمر غير مصر عليه فهو مسلم فلما أحدث هذا استتابه أتباعه فتاب فقالوا أنت الإمام ولك الاجتهاد، وقد استحل دماء أهل العهد والذمة وأموالهم كما رأى أنه لا حاجة للناس للإمام فقُتل واختلف أصحابه من بعده إلى ثلاث فرق فرقة أكفرته وفرقة عذرته وهم النجدات وفرقه بناحية البصرة توقفوا فى أمره.
4- الإباضية:
تُنسب هذه الفرقة إلى عبد الله بن إباض الذى ظهر فى النصف الثاني من القرن الأول للهجرة ويرى أن صاحب الكبيرة كافر نعمة لا كافر دين وأن كفار هذه الأمة براء من الشرك والإيمان وأنهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين لكنهم كُفار، وأحلوا التزوج والتورث منهم وأجازوا شهادتهم وحرموا دماءهم فى السر واستحلالها فى العلانية،
وهم يبرؤون من الكاذب وذي المعصية الظاهرة ويلتقون مع أهل السنة والأشاعرة فى القول بأن الله خالق أفعال العباد جميعها وليس للعباد إلا مجرد اكتسابها،
ومن مبادئهم أيضاً أن كل شئ أمر به الله عباده فهو عام ليس بخاص وقد أمر الله به الكافر والمؤمن، ويرون أن من الواجب أن يستتيبوا من خالفهم فى تنزيل أو تأويل فإن تاب وإلا قُتل، وقالوا الإصرار على أى ذنب كُفر والمنافقون فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم موحدون ولكن لأنهم ارتكبوا الكبائر فقد كفروا وكفرهم بالكبيرة لا بالشرك،
وقد افترقت الإباضية إلى أربعة فرق هي الحفصية والحارثية واليزيدية وأصحاب طاعة لا يُراد الله بها، والإباضية يميلون للمسالمة ولا يزال أتباعهم فى المغرب حتى اليوم.
وقد أجازوا التقية وإمامة المفضول مع وجود الأفضل فى عام 130هـ- ذكر المسعودي فى مروج الذهب- جهز مروان بن محمد جيشاً لمحاربتهم فقتل عبد الله بن يحيى وأكثر من معه من الإباضية ولحق بقية الخوارج ببلاد حضر موت.
5- الصفرية:
وهم أتباع زياد بن الأصفر وقولهم كقول الأزارقه فى أن أصحاب الذنوب مشركون غير أن الصفرية لا يرون قتل أولادهم ولا نساءهم، وقالوا أن الأعمال التى فيها حد يُسمى صاحبها باسمها كالسارق والقاتل والزاني وليس كافراً وكل ذنب ليس فيه حد كترك الصلاة والصوم فهو كفر وصاحبه كافر، كما أنهم لم يكفروا القعدة من القتال ولم يسقطوا الرجم ولم يحكموا بقتل أطفال المشركين وقالوا أن التقية جائزة.
– ومن الفرق التى عدها العلماء من الخوارج الذين خرجوا عن الإسلام:
1- اليزيدية:
وهم أتباع يزيد بن أبى أنيسه الخارجي وأدعى أن الله يبعث رسولاً من العجم وينزل عليه كتاباً من السماء وينسخ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وزعم أن أتباع هذا النبي المنتظر هم الصابئون المذكورون فى القرآن، وقال أن أصحاب الحدود من موافقيه وغيرهم كفار وكل ذنب شرك وهى ليست من فرق الإسلام.
2- الميمونية:
وهم أتباع رجل يسمى ميموناً وهو يكفر (على) و (عثمان) و (طلحة) و (الزبير) و (عائشة) ويكفر أصحاب الذنوب وقال بإباحة نكاح بنات البنت وبنات الابن وبنات الأخ وبنات الأخت وأنكر سورة يوسف من القرآن، كما قال أن الله تعالى فوض الأعمال للعباد وجعل لهم الاستطاعة إلى كل ما كُلفوا به فهم يستطيعون الكفر والإيمان وليس له سبحانه فى أعمال العبادة مشيئة لأنها ليست مخلوقة، وقالوا بوجوب قتل السلطان ومن رضي بحكمه وأطفال المشركين عندهم- فى الجنة وهى ليست من فرق الإسلام.
وقد قام مذهب الخوارج على الغلو والتشدد فى فهم الدين فضلوا من حيث أرادوا الخير وأجهدوا أنفسهم وأجهدوا الناس معهم، وأن المؤمنين الصادقى الإيمان لم يحكموا بكفرهم وإن حكموا بضلالهم، ولذا روى أن (علياً) رضي الله عنه أوصى أصحابه بألا يقاتلوا الخوارج من بعده لأن من طلب الحق فأخطأه ليس كمن طلب الباطل فناله، هذا ما رواه الإمام أبو زهرة فى الخوارج.
وأتفق مع الإمام على فى رأيه فهم قوم أرادوا الحق فسلكوا الطريق الخاطئ غفر الله لهم ولنا ولجميع المسلمين.