ماهي منطقة اللجاة في درعا؟

اللجاة - درعا

اللجاة

تقع اللجاة في شمالي حوران ، وتبلغ مساحتها نحو 1400 كيلو متر مربع ، وطولها من الشمال إلى الجنوب أربعون ، وعرضها من الغرب إلى الشرق خمسة وثلاثون کیلو مترا ، وحدها الشمالي قريتا براق وبويضان والشرقي الصورة الكبيرة وخلخلة ووادي اللواء وحدها الجنوبي وادي قنوات وقرى داما وجرين ووق وبصر الحرير ، وحدها الغربي المسمية وخبب وحجة وشقرة وإزرع ، ويقع نصفها الشرقي في قضاء الشهباء من جبل الدروز، والغربي في قضاء إزرع من أعمال حوران ،

 واللجاة وما أدراك ماللجاة ؟

هي بحر خضم من الحمم والطفوح النارية ، تلاطمت أمواجه ردحا من الزمن ، ثم خترت وخمدت وتشققت ، فكونت تلاعة وتضاريس وشناخيب بينها أخاديد، ولجج عميقة ، وفجاج ضيقة ملتوية ، وبدت في حالة غاية في الوعوثة وصعوبة المسلك ، وجهومة المنظر ، واسوداده ووحشته ، ويظهر أن الحم والطفوح النارية التي كونت اللجاة خرجت من أربع آکام مخروطية بركانية مصطفة من الشمال إلى الجنوب حول قرية الشهباء ، وهي تل شيحان وتل الغرارة الكبير وتل الجمال وتل الغرارة القبلية .

على أن اللجاة لاتخلو من رقاع صغيرة من التراب صالحة للإنبات يتخذها أعراب اللجاة ( عشيرة السلوط ) للحرث والزرع ، وهذه الرقاع تشبه الجزائر المنتثرة وسط بحر الجي ، تتخللها مسالك ضيقة متعجة متيهة مخيفة ، قال السائح الفرنسي کیلیوم ري في كتابه ( رحلة في حوران سنة ۱۲۷۶ – ۱۲۷۵ هـ ) ماتعريبه

«ما من شيء يستطيع أن يوحي إلى الإنسان فكرة عن الأشكال الوهمية المتعلقة بالجن والعفاريت مثل الذي تعطيه سيول الطفوح والحمم المتجمدة في اللجاة ، لأن منظرها يشبه الأمواج المتعالية بتأثير عاصفة هائلة ، أو يشبه ماعلى ظهور السلاحف من الخراشف الضخمة الجبارة بعد تكسرها نصفية».

 ويشبه الدكتور دلبت رفيق السائح المذكور منظر اللجاة إلى

«مایری على سطح كأس ماء فيه رغوة صابون إذا عبثوا بها ونفخوها وأحدثوا فقاعات ، فالفقاعات في اللجاة هي من الطفوح والحمم النارية ، وبعضها منحرف وأجوف بالفعل ، ولاتجد في أي مكان أي أكمة مخروطية بازلتية مكونة تكوينا كاملا » .

وعلى الرغم مما وصفناه فقد كانت اللجاة في العصور الغابرة – وهنا العجب – عامرة بالقرى والمزارع ، آهلة بالسكان ، مزدهرة بالبساتين والكروم ، كما شهد بذلك ياقوت في معجمة ، ولا تزال آثار هذه ماثلة كيفما اتجهت ولا سيما في أكنافها التي تدعى ( لحف اللجاة ) ،

 فأنت أني سرت في هدا اللحف تجد من الحرب القديمة في الجهة الغربية براق وألمسمية وشعاره وكريم وایب ومليحة حزقیل وقلعة سماة والزباء والمجيدل والنجيح وقيراطة وجمرة والبوير وشقرة وإزرع ،

وفي وسط اللجاة الطف وقبة دهمان وجسري وجدل ودامة العليا والزبيرة وجرين ومجيدل ومسيكة وصور اللجاة وحرأن وعاصم الزيتون وحامر وأم العلق وغيرها،

وفي جنوبي اللجاة بصر الحرير ونجران وريمة اللحف ودير الأسمر وجماح وبريكة ، وبعض هذه الحرب يسكنه أعراب اللجاة فيزرعون رقاعها المذكورة ، ويرعون ماشيتهم في مراعيها ذات العشب الجيد الذي ينتج سمنة فاخرة ،

 ومن غرائب البناء في هذه الخرب أن جدرانها وسقوفها وأبوابها ونوافذها ومغالقها مع كل ما يجب أن يكون من الخشب جميعه من الحجر ، وجله من المنحوت نحتأ حسنة ، وبعضه مزخرف .

وفي اللجاة رصيف روماني هائل يأتي من دمشق إلى بصرى عاصمة حوران القديمة ، وهو يخترق اللجاة من المسمية إلى السويداء ، وهو لا يزال ماثلا للعيان يثير الدهشة والإعجاب بمقدرة الذين مدوه ، وكسروا هذه الشناخيب والصخور الصلدة ومهدوها، وكان يحرس هذا الرصيف خمسة عشر مخفرة وسبع منائر عسكرية ، وكان في منتصفه مذبح أو هیکل مربع الشكل باسم أحد آلهة الأنباط المزعومة حراس أبناء السبيل ، ولعله اللات .

وكان في اللجاة كثير من الغابات الطبيعية والأشجار المثمرة وغير المثمرة المتنوعة کالبطم والتمر بضم الصاد وهو شجر شائك ذو ثمر أحمر كالزعبوب ، واللوز البري والرمان والتين والعنب والزيتون ، وكان فيها كثير من البساتين لا تزال أماكنها بارزة للعيان شرقي قرية إزرع ، فكانت هذه الغراس الخضراء تخفف من جهومة منظر اللجاة ووحشتها ،

وكان البطم كثيرا ، يعصر أهل قريتي جباب وخبب حبوبه في معاصرهم ويستعملون زيته ، لكن كل هذا قد فقد ولم يبق منه إلا أثر ضئيل جدا ، وأكثر من أفقده فيما قالوه جیش إبراهيم باشا المصري ثم كتائب الجند الثاني التي كانت مرابطة في ثكنة المسمية منذ سنة ۱۳۰۶ هـ ، ويؤكدون أنه لو حمت الحكومة هذه البقعة لعادت إلى ما كانت عليه ،

ثم أنه يوجد في أكثر مواقع اللجاة كهوف ومغاور كأنها محفورة بيد الجن وسط البازلت الصلد ، وبعضها عميق ويحدث سراديب متعجة ، أو ردهات واسعة ومظلمة ،

 وقد كانت هذه المغاور مأوى الآدميين الأولين سكان الكهوف في عصور ما قبل التاريخ ، ثم صارت بعدهم معتصمات ومعاقل للعصاة والمتمردين ، وملجأ لأشر الأعراب وأطولهم باعة في اللصوصية ،

 ولا يزال الدروز يلقبون اللجاة بقلعة الله ، لأنها من أمنع الأماكن وأوعرها لمن أراد الاحتماء من غارات الجيوش المنظمة ، كما جرى لهم في وقائعهم المتوالية مع جيش إبراهيم باشا المصري سنة ۱۲۵4 هـ ، والجيش الثاني في سنتي ۱۳۱۰ و ۱۳۲۸ هـ والفرنسي في سنة ۱۳۶۶ هـ. وغيرها .

Scroll to Top