س – ما المقصود بالغلو؟ ومن هم أهل الكتاب؟
الجواب: المقصود بالغلو: تجاوز الحد وإعطاء الشيء أكثر من حقه أو الزيادة في ذمه،
وحكمه: لا يجوز وقد يصل إلى حد الشرك وإلى حد البدعة وإلى حد الكفر؛
قال الله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖه)،
وقال تعالى: «( قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل )
وأهل الكتاب المراد بهم اليهود والنصاری، فاليهود غلوا وزادوا في ذم عيسى حتى وصل بهم الأمر أن جعلوه ولد بغي، والنصارى غلوا فيه مدحا فأوصلوه إلى منزلة الألوهية وجعلوه معبودا لهم هو وأمه وجعلوا الله ثالث ثلاثة – تعالى الله وتقدس عما يقول الظالمون علوا كبيرا
– قال تعالى : (ولقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا اله واحد،)
وقد أدى الغلو في الصالحين ومجاوزة الحد بهم إلى أن عبدوا من دون الله وصار ذلك سبا لهلاك العابدين والغالين، والغلو سبب أول شرك حصل في بني آدم كما حصل من قوم نوح؛ فهم أول من أحدث الشرك ونوح علي أول رسول أرسل بالدعوة إلى توحيد الله والإنذار والتحذير عن الشرك،
قال تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ )
فاستمر قومه في كفرهم وعنادهم وتمسكهم بعباداتهم الشركية وتواصوا فيما بينهم بالبقاء على معبوداتهم:
(وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23))
قال ابن عباس (ر ض) هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت).
فمن فهم ما حصل في قوم نوح عرف غربة الإسلام ؛ لأن دعوة محمد عليه الصلاة والسلام هي دعوة نوح عليم وما حصل في أمة محمد له من الغلو في الصالحين الذي حملهم على التعلق بهم هو الذي حصل من قوم نوح علم و عرفنا أن الغلو سبب الهلاك، وأن أول شرك حدث بشبهة الصالحين،
وتبين لنا أن الغلو في الصالحين هو أول أمر غير به دین الأنبياء، ومما دلت عليه النصوص سرعة انفتاح القلوب للبدع مع أن الشرائع والفطر تردها، وأن سبب قبول البدع مزج الحق بالباطل،
فأولا: محبة الصالحين، والثاني: فعل أناس من أهل العلم شيئا أرادوا به خيرا فظن من بعدهم أنهم أرادوا به غيره، وفي قصة قوم نوح عليه دلالة واضحة على أن جبلة الآدمي في كون الحق ينقص في قلبه والباطل يزيد ودلت على أن البدعة سبب الكفر، وفي قصة قوم نوح علیل تنبيه للمسلم وتحذير له من الشيطان؛ حيث إنه يعرف ما تؤول إليه البدعة ولو كن قصد فاعل البدعة.