الخوارج:Outsiders
طائفة خرجت على الخليفة الذي تمت بیعته من أهل الحل والعقد وتمت له الإمامة على المسلمين.
قال الشهرستاني : كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيا سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو من كان بعدهم على التابعين لهم بإحسان والأئمة في كل زمان.
وزاد عليه ابن حزم: ويلحق بهم من شايعهم على أفكارهم أو شاركهم في آرائهم في أي زمان.
وقد ظهرت بوادرها في زمن رسول الله – ص – عندما طعن عبد الله ذو الخويصرة التميمي بقسمة رسول الله – لا – وقال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، وقال أيضا: اعدل يا رسول الله . فقال الصادق الأمين: “ويلك، إن لم أعدل فمن يعدل؟”، ثم قال فيه: يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية … (انظر كامل القصة في البخاری ومسلم).
فالخوارج هم أولئك الذين كانوا في الأصل مظهري التشيع في نصرة الإمام على خد معاوية – رضي الله عنهما – فلما قبل على التحكيم في النزاع الواقع بينه وبين معاوية لم يرتض أولئك ذلك فخرجوا عليه، ولم يقبلوا أن يرجعوا إليه إلا إذا أقر على نفسه بالكفر لقبوله التحكيم في النزاع بينه وبين معاوية ، وقبول التحكيم – في رأيهم – يعد من قبيل إتيان المحظور؛ إذ لا حكم إلا لله، لقوله تعالى: (إن الحكم إلا لله).
وقد كان للخوارج صراعات حامية بين على من ناحية، ثم ضد معاوية والأمويين من ناحية أخرى، وقد أنهكتهم هذه الصراعات المتلاحقة رغم تفانيهم وبطولاتهم النادرة حتى جاءت الدولة العباسية، ولم يهادنوا العباسيين على الرغم من خور قواهم وتشتتهم إلى فرق وأحزاب، وقد جعلهم الرازي إحدى وعشرين فرقة، نذكرهم باختصار :
( المحكمية): هم الذين قالوا لعلي – رضي الله عنه – لما حكم المحكمين: إن كنت تعلم أنلك الإمام حقا فلم أمرتنا بالمحاربة ، ثم انفصلوا عنه وكفروا عليا ومعاوية لهذا السبب.
( الأزارقة): أتباع أبي نافع راشد بن الأزرق، ومن مذهبهم أن قتل من خالفهم جائز.
(النجدات): أتباع نجدة بن عامر النخعی، تفردوا بالقول: أن المخطئ بالجهل معذور، وقالوا إن أصحاب الحدود المذنبين منهم غير خارجين من الإيمان ، والمذنبين من غيرهم كفار.
(البيهسية): أتباع أبي بيهيس، ومذهبهم أن من لا يعرف الله تعالى وأسماءه وتفاصيل الشريعة فهو كافر.
(العجاردة): أتباع عبد الحكيم بن عجرد، وقد تشعبت هذه الفرقة إلى خمس عشرة فرقة، وعندهم أن سورة يوسف ليست من القرآن؛ لأنها في شرح العشق ومثل هذا لا يجوز .
(الصلية): أتباع عثمان بن أبي الصلت، يحكمون بإسلام الأطفال من حين بلوغهم.
( الميمونية): أتباع میمون بن عمران، يجوزون نكاح بناتهم، لا يرون إلا قتال السلطان خاصة، وأعوانهن ومن رضي بحكمه، ومن طعن في دينهم.
(الحمزية): أتباع حمزة بن أدرك، يقولون بأن أطفال الكفار في النار .
(الخلفية): يرون أن الخير والشر من الله تعالى، ويقولون بالجبر .
( الأطرافية): سموا بذلك لقولهم إن من لم يعلم أحكام الشريعة من أصحاب أطراف العالم فهو معذور.
(الشعيبية): أتباع شعیب بن محمد.
( الحازمية): أتباع حازم بن على، يتوقفون في أمر على، ولكنهم لا يصرحون بتبرئته، ويكفرون عثمان والحكمين.
( الثعلبية): أتباع ثعلب بن عامر، يقولون في الأطفال أنهم مشتركون في عقاب آبائهم.
( الأخنسية): أتباع أخنس بن قیس، يحرمون القتال ليلا والاغتيال والقتل في السر.
(العبدية): أتباع معبد، لا يجيزون كل امرأة تخالف الدين .
( الرشيدية): أتباع رشيد الطوسی.
(المكرمية): أتباع مكرم بن عبد الله العجلي، يقولون إن تارك الصلاة كافر، ومن أتی كبيرة فقد جهل الله تعالی.
(لمعلومية المجهولية): المعلومية يقولون: من علم الله ببعض أسمائه فلم يجهله. أما المجهولية يقولون: من لم يعلم الله بجميع أسمائه فهو له جاهل .
(الأصفرية): أتباع زیاد بن الأصفر، يقولون: كل ذنب مغلظ كفر وشرك ، ويجيزون مناكحة المشركين والشركات وقبول شهادتهم.
( الحفصية): أتباع حفص بن المقدام، وهم فرع من الإباضية ، يقولون إن ما بين الكفر والشرك معرفة الله، فمن جهل الله وأنكره فهو مشرك .
(اليزيدية): أتباع يزيد بن أنيسة، وهم فرقة من الإباضية.
( البدعية): يقولون إن الصلاة ركعتان بالعشی، وركعتان بالغداة ، لا غير ذلك.
(الإباضية): أتباع عبد الله بن إباض المقاعسى، يرجع نسبه إلى إباض وهي قرية بالعرض من اليمامة ، خرجوا على مروان ابن محمد آخر خلفاء بني أمية في أوائل القرن الثاني من الهجرة، فوجه إليهم عبد الله بن محمد فقاتلهم، يجمعون .
على أن مخالفيهم من المسلمين كفار وليسوا من المشركين، وما هم بمؤمنين كما يقول أهل السنة، مناکحتهم جائزة، وموارثتهم حلال وغنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب حلال وما سواه حرام.
يقول الشهرستاني : يذكر أن أصحاب عبد الله بن إباض يقولون بقوله في مخالفيهم: “حرام قتلهم وسببهم في السر غيلة إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة ” .
ينفون عن أنفسهم نسبتهم إلى الخوارج، إذ يعدون مذهبهم اجتهادياً فقهياً سنياً يقف جنباً إلى جنب مع الشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية.
لكنهم يتفقون مع الخوارج في مسائل عديدة منها : أن عبد الله بن إباض يعتبر نفسه امتدادا للمحكمة الأولى من الخوارج، كما يتفقون مع الخوارج في تعطيل الصفات والقول بخلق القرآن وتجويز الخروج على أئمة الجور .
من آرائهم الدعوة إلى تنزيه الخالق تنزيهاً مطلقاً، وما جاء في القرآن والسنة مما يوهم التشبيه فإنهم يؤولونه بما يفيد المعنى ولا يؤدي إلى التشبيه، لا يقولون برؤية الله تعالى في الآخرة، القرآن لديهم مخلوق، يقولون أن الشخص لا يخرج من الإيمان إلا ويدخل في الكفر، أي لا منزلة بين المنزلتين، لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر ولا يمنعونه. قالوا في مرتكبي الكبائر أنهم موحدون لا مؤمنون، وقالوا من ارتكب كبيرة من الكبائر کفر کفر النعمة لا كفر الملة. والإباضية فرق شتی مختلفون في مذهبهم هذا.
وللخوارج بشكل عام رأی خاص في تكفير مرتكب الكبيرة الذي فسق بكبیرته، وخرج عن طاعة ربه بفعلته، ويستدلون على ذلك بآيات كثيرة منها قوله تعالى : وهو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير .