من هم الشيعة؟

 من-هم-الشيعة

في اللغة، يطلق لفظ الشيعة على الأتباع والأنصار، ومن ذلك قول الله تعالى فيمن سار على نهج نوح عليه السلام (وإن من شيعته لإبراهيم)

أما فرقة الشيعة، فقد أسقط عليها البعض هذا المعنى اللغوي، ليقول بأن الشيعة هم .( من أحبوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وناصروه، واتبعوا آل بيته).

وقد جاء عند الأزهري (ت سنة ٣٧٠ هـ): “والشيعة أنصار الرجل وأتباعه وكل قوم اجتمعوا على أمرهم شيعة. والجماعة شيع وأشياع، والشيعة: قوم يهوون هوى  عترة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويوالونهم”

إن تعريف الشيعة بأنهم هم الذين والوا علياً وآل بيته، استناداً إلى المعنى اللغوي، أمر فيه نظر، “لأن أهل السنة أكثر الناس حباً لعلي وآل بيته، وأعرف الناس بمنزلتهم”.

 ولأنه “إذا تأمل الباحث في المعنى اللغوي للشيعة والذي يدل على المتابعة، والمناصرة، ثم نظر إلى أكثر فرق الشيعة التي غلب إطلاق هذا الاسم عليها يجد أنه لا يصح تسميتها بالشيعة من الناحية اللغوية، لأنها غير متابعة لأهل البيت على الحقيقة، بل هي مخالفة لهم ومجافية لطريقتهم.

 وفرقة الشيعة الإثني عشرية من أكثر الفرق انتشاراً وتنظيماً في وقتنا المعاصر ، وقد نجحت في إقامة دولة تابعة لها، ألا وهي جمهورية إيران، حيث تبلغ نسبة الشيعة من 70-75% في إيران وتبلغ نسبة الشيعة في العالم اليوم بحسب التقديرات من ١٠ إلى ١٥ % من مجموع المسلمين. ويتواجدون بكثرة في المشرق مثل إيران والعراق ولبنان وأذربيجان إضافة إلى أقليات في دول أخرى.

تبلورت هذه الفرقة بعد الفتنة التي حدثت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما بشكل منظم، وإن ظهرت بعض أفكارها قبل هذا الوقت، ولا سيما القول بالوصي والرجعة.

ويذكر أن اليهودي اليمني عبد الله بن سبأ الذي أسلم ظاهراً وأبطن الكفر هو الذي أخذ ينادي بفكرة الوصي والرجعة، ويطعن في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ويبالغ في مدح علي حتى اقترب من تأليهه، وتنامت هذه الفرقة فيما بعد حتى أصبح لها فكر عقدي وفقهي وسياسي.

إذا أطلقت كلمة الشيعة اليوم فإنه يقصد بها الشيعة الإمامية الإثني عشرية، وسموا بذلك لأنهم يعتقدون أن الإمامة (وهي من أصول الإيمان عندهم) أو رئاسة الدولة قد حصرها الله سبحانه وتعالى في اثني عشر إماماً ابتداء بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وانتهاء بمحمد بن الحسن العسكري الذي يزعمون أنه مختبئ في سرداب منذ عام ٢٦١ هـ، ويعتبرونه الإمام الغائب والمهدي المنتظر، وتسمى هذه الفرقة بالجعفرية، لأنهم نسبوا مذهبهم الفقهي إلى الإمام جعفر الصادق ( ٨٣ -148هـ) وهو أحد أئمتهم الإثني عشر.

وهذه قائمة الأئمة عند الشيعة الإثني عشرية :

١- علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

٢- الحسن بن علي (المجتبي) .

٣- الحسين بن علي (الشهيد) .

٤- علي بن الحسين (السجاد) .

٥- محمد الباقر .

٦- جعفر الصادق .

٧- موسى الكاظم .

٨- علي الرضا .

٩- محمد الجواد .

١٠ – علي الهادي .

١١ – الحسن العسكري .

١٢ – محمد المهدي ( المهدي المنتظر) وقد غاب في السرداب قبل ألف سنة وسيعود !!

ويطلق عليهم اسم ” الرافضة ” لأنهم رفضوا زيد بن علي بن الحسين لما ترحم على أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فقال لهم رفضتمونى فسموا رافضة،

وقد مرت فرقة الشيعة بأطوار عديدة، واختلف في نشأتها اختلافاً واضحاً، وظهرت في ذلك أقوال عديدة:

١- آراء الشيعة:

الرأي الأول:

أن التشيع قديم ولد قبل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه ما من نبي إلا وقد عرض عليه الإيمان بولاية علي… وقد وضع الشيعة أساطير كثيرة لإثبات عن أبي الحسن قال: “ولاية علي / ذلك، منها ما أورده الكليني في الكافي ( ١/437 ) عن أبي الحسن قال: “ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله، ووصية علي عليه السلام”.

 وجاء في بحار الأنوار للمجلسي (11/60)   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال – كما يزعمون -: “يا علي، ما بعث الله نبياً إلا وقد دعاه إلى ولايتك طائعاً أو كارها”.

وهذا الرأي ينافي ما جاء في صريح القرآن من أن الأنبياء لم تكن دعوتهم إلا إلى توحيد الله، وعدم الإشراك به.

الرأي الثاني:

زعم بعضهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي وضع بذرة التشيع، وأن الشيعة ظهرت في عصره، وأن هناك بعض الصحابة الذين تشيعوا لعلي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

يقول القمي (المقالات والفرق ص ١٥٠ ): فأول الفرق الشيعية وهي فرقة علي بن أبي طالب المسمون شيعة علي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته، منهم المقداد بن الأسود الكندي، وسلمان الفارسي، وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، وعمار بن ياسر المذحجي.. وهم أول من سموا باسم التشيع من هذه الأمة”.

وقد قال بهذا القول أيضا: النوبختي، والرازي (الإسماعيلي)، ومحمد حسين كاشف الغطاء، المتوفى سنة ١٣٧٣ هـ.

وهذا القول مردود أيضا، ولا أصل له في القرآن، ولا في السنة، وليس له سند تاريخي ثابت، فقد جاء الإسلام لجمع هذه الأمة على كلمة سواء، لا ليفرقها شيعاً  وأحزاباً، ولم يكن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيعة ولا سنة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “ففي خلافة أبي بكر وعمر لم يكن أحد يسمى من  الشيعة، ولا تضاف الشيعة إلى أحد”.

وينقل د. ناصر القفاري عن ابن المرتضى (وهو شيعي زيدي) تفنيده لهذه الفكرة، إذ يقول: “فإن زعموا أن عماراً، وأبا ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي كانوا سلفهم، لقولهم بإمامة علي – عليه السلام – أكذبهم كون هؤلاء لم يظهروا البراءة من الشيخين، ولا السب لهم، ألا ترى أن عماراً كان عاملا لعمر بن الخطاب في الكوفة، وسلمان الفارسي في المدائن”.

الرأي الثالث:

ينسب أصل التشيع إلى وقت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، واعتبر هؤلاء بأن أول خلاف حدث بين المسلمين هو التنازع حول الشخص الذي يخلف النبي صلى الله عليه وسلم، حيث زعمت الشيعة أن علياً كان أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان، وأن خلافة هؤلاء الثلاثة باطلة.

وقد قال بهذا محسن الأمين، وبعض أهل السنة، أمثال: ابن خلدون، وأحمد أمين، ومحمد عبدالله عنان.

وقد سبق القول أن لفظة الشيعة لم تكن معروفة في عهد أبي بكر وعمر وعثمان، وإن ما جرى في السقيفة من اختلاف وجهات النظر حول من يتولى الخلافة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يفهم منه بروز تيار شيعي بين الصحابة، إذ أن الأنصار في بادئ الأمر رشحوا زعيمهم سعد بن عبادة رضي الله عنه لتلك المهمة، وكان العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن يتولاها بنو هاشم، لكن الله عصم المسلمين باجتماعهم على أبي بكر خليفة للمسلمين، وتوحد الرأي بعد ذلك.

يقول د. زيد العيص: “ليس في هذه الحادثة (السقيفة) ما يشير إلى بروز تيار فكري، أو حزب يتبنى فكرة خلافة علي، ويدعو لها، بعد مبايعة أبي بكر الصديق، ولقد بايع علي نفسه، ومن رغب من الصحابة في أن تكون الخلافة له، أبا بكر، وقضي الأمر عند هذا الحد، وكأن شيئاً لم يكن .

“وهذا لا دلالة فيه على ميلاد حزب معين، أو فرقة معينة، وتعدد الآراء أمر  طبيعي، وهو من مقتضيات نظام الشورى في الإسلام”.

الرأي الرابع: قال به ابن النديم، (الشيعي المعتزلي)، في كتابه (الفهرست)، وأرجع نشأة التشيع إلى معركة الجمل سنة ٣٦ ه، وادعى أن علياً قصد طلحة والزبير ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله جلّ اسمه، فسمى من اتبعه على ذلك الشيعة، فكان يقول: شيعتي، وسماهم – عليه السلام – الأصفياء، الأولياء، شرطة الخميس، الأصحاب.

يقول د. القفاري: “ولاشك أن هذا القول لا يدل على بداية الأصول الفكرية للتشيع، فهو يعني هنا المعنى اللغوي للشيعة وهو الأنصار، ولهذا استخدم أيضاً ألقاباً أخرى تدل  على ذلك كالأصحاب والأولياء..”

آراء غير الشيعة في نشأة التشيع :

الرأي الأول: أن التشيع بدأ بوفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.

يقول الإمام ابن حزم: “ثم ولي عثمان، وبقي اثنى عشر عاماً، وبموته حصل الاختلاف. وابتدأ أمر الروافض”.

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية “.. فلما قتل عثمان تفرق المسلمون، فمال قوم إلى أولياء عثمان، ومال قوم إلى علي، وقيل حينئذ شيعة علي وشيعة عثمان”.

وقد كان لعبد الله بن سبأ، اليهودي الذي تظاهر بالإسلام، الدور الكبير في صياغة بعض عقائد الشيعة في ذلك الوقت مثل الوصية. وقد كان ابن سبأ أحد الذين قادوا الفتنة أواخر زمن عثمان، وادعى أن علياً أحق بالخلافة من عثمان ذي النورين. وبلغ به الغلو أن ادعى ألوهية علي، وهو “صاحب نظرية إن لكل نبي وصياً، وإن علياً كان وصياً للنبي صلى الله عليه وسلم، وبما أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين،فإن  علياً هو خاتم الأوصياء”.

الرأي الثاني: يربط التشيع بمعركة صفين سنة ٣٧ ه، والتي دارت رحاها بين  جيش الإمام علي، وجيش معاوية. وقد قال ذلك المستشرق مونتجمري

الرأي الثالث: أن التشيع بدأ باستشهاد الحسين رضي الله عنه سنة ٦١ هـ، إذ يقول المستشرق شتروتمان: “إن دم الحسين يعتبر البذرة الأولى للتشيع كعقيدة”

جملة القول أن التشيع مر بمراحل :

الأولى: التي أعقبت قتل عثمان رضي الله عنه لم يكن يعني أكثر من تفضيل علي على معاوية،وعند بعضهم تفضيله على عثمان، مع اتفاق المسلمين على تفضيل أبي  بكر وعمر على من سواهما من الصحابة الكرام رضي الله عنهم.

وقد أشار إلى هذا المعتقد ليث بن أبي سليم (ت ١٤٣ هـ) وهو من شيعة علي حين قال: (أدركت الشيعة الأولى وما يفضلون على أبي بكر وعمر أحداً)

أما التابعي شريك بن عبدالله (ت ١٤٠ هـ) فقد كان من شيعة علي، وكان عندما يسأل: أيهما أفضل أبو بكر أم علي؟ يجيب: أبو بكر أفضل. فيرد السائل: أتقول هذا وأنت شيعي؟! فقال له: نعم، ومن لم يقل هذا فليس شيعياً، والله لقد رقى علي على هذه الأعواد، فقال: ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر،فكيف نرد قوله، وكيف نكذبه،والله ما كان كّذابا.

الثانية: بروز الانحراف، وهو ما أشار إليه أبو إسحاق السبيعي (ت ١٢٦ هـ) عندما قال: “خرجت من الكوفة وليس أحد يشك في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما، وقدمت  الآن وهم يقولون ويقولون، والله ما أدري ما يقولون.

يقول د.العيص: ويمكن القول بأن الأطوار الأولى للتشيع قد زالت واختفت لأنها لم تكن تمثل حزباً سياسياً، ولا فرقة دينية مستقلة بأصولها، ومعتقداتها، وإنما كانت عبارة عن ميول وعواطف ذهبت مع أصحابها. وانتهت رسمياً ببروز طائفة الشيعة الإمامية  التي تفضل علياً على الشيخين وسائر الصحابة وتنال منهم أيضاً”.

ومما يدل على التطور الذي حدث في عقائد وأفكار الشيعة، وأن الشيعة الأول لم يكونوا على ما هم عليه الشيعة اليوم، محاورتهم لزيد بن علي بن الحسين رحمه الله (ت ١٢٢ هـ)، ل ما اشتد القتال بينه وبين عامل بني أمية يوسف بن عمرو الثقفي، فقد جاء الشيعة و قالوا له: ما قولك، يرحمك الله، في أبي بكر وعمر؟ فقال: غفر الله لهما، ما سمعت أحداً من أهلي تبرأ منهما، وأنا لا أقول فيهما إلاّ خيراً، فرفضوه، وانصرفوا عنه، ونقضوا بيعته، وتركوه، فلهذا س  موا بالرافضة من يومئذ. ومن تابعه على قوله سموا بالزيدية.

2- فرق الشيعة :

انقسمت الشيعة إلى فرق كثيرة جداً ٣، ويوجد اليوم ثلاث فرق رئيسة: الإثني عشرية، والإسماعيلية، والزيدية .

١- الإثني عشرية:

تمثل التيار الأكبر في الشيعة، ومن أسمائها الإمامية، والرافضة، والجعفرية. وإذا أطلق لفظ الشيعة فإنه ينصرف إليها دون غيرها. وسميت بالإمامية لأنها تؤمن بإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وسميت اثنى عشرية لأنها تسوق هذه الإمامة إلى اثني عشر إماماً من أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

٢- الإسماعيلية:

وكان افتراقهم عن الإمامية الإثني عشرية، بعد وفاة الإمام السادس عند الشيعة جعفر بن محمد الصادق ( ٨٣ – ١٤٨ هـ )، إذ ساق الإثني عشرية الإمامة إلى ابنه موسى بن جعفر (الكاظم)، بينما رفض بعضهم هذا الاختيار،

وساقوا الإمامة إلى إسماعيل بن جعفر رغم أنه مات في حياة أبيه، في حين ساقها آخرون إلى محمد بن إسماعيل، وسموا ب- “الإسماعيلية”.

٣- الزيدية:

فرقة تنسب إلى زيد بن علي بن الحسين رحمه الله ( ٨٠-122هـ) وكان افتراقها عن الشيعة بسبب موقف زيد من الشيعة الذين طلبوا منه التبرؤ من أبي بكر وعمر شرطاً لنصرته في معركته ضد الأمويين، لكنه رفض، فخذلوه، فأطلق عليهم (الرافضة)، وما زال هذا الاسم يطلق على الشيعة الإثني عشرية حتى اليوم.

 

Scroll to Top