سلسلة من يحكم العالم سرا
الجزء الثالث
النظرية التدبيرية واشهر الشخصيات الانجيلية الاصولية
ظهور النظرية التدبيرية:
تعود هذه النظرية التدبيرية وانتشارها في أمريكا إلى جهود “سايروس إنجيرزون سكوفيلد” المولود عام ١٨٤٣ م في كلنتون بولاية “متشغن”، وقد تأثر “سكوفيلد” بنظيره الأيرلندي” جون نلسون داربي” الذي عاش في القرن التاسع عشر الميلادي ودرس في كلية ترينتي في” دبلين ” ثم عمل قسيسا في انجلترا، وقال :
(إن لله مخططين، وإن عند الله مجموعتين من الناس يتعامل معهما، وأن إسرائيل كانت مملكة الله على الأرض وأن الكنيسة المسيحية كانت مملكة الله في السماء).
وزار “جون نلسون داربي” كندا وأمريكا وأثر في عقيدة راعى الكنيسة المسيحية في “سانت لويس” القس” جايمس بروكس” ومن هنا بدأ تأثر “سكوفيلد” وإيمانه بنظرية “داربي” التدبيرية القائمة على النبوءات التوراتية الإنجيلية والتي لها التأثير الكبير في صنع القرارالسياسي الأمريكي !!. لقد جعل “سكوفيلد” و”داربي” النبوءة الدينية في المقام الأول لفهم المسيحية.
ومع بداية عام ١٨٧٥ م عقد “سكوفيلد” عدة مؤتمرات حول النبوءات في الكتاب المقدس وشرح مخطط الله على الأرض من أجل إسرائيل ومخطط الله في السماء من أجل خلاص المسيحيين، وأدخل تفسيرات على النظام الإيماني للإنجيل.
وفي عام ١٩٠٩ م طبع أول مرجع إنجيلي وضعه “سكوفيلد” وأصبح أكثر الكتب المتداولة حول المسيحية وطبع منه ملايين النسخ.
وقد برع” سكوفيلد” في شرح آرائه الشخصية حول نبوءات الإنجيل، وأوضح أن تاريخ الإنسان ينقسم إلى مراحل محددة حيث إن الله يتراءى للإنسان بطرق مختلفة.
أما المرحلة “التدبيرية” فيقول عنها إنها مرحلة من الوقت يتمحن فيها الإنسان بالنسبة إلىطاعة الله.
وقسم المراحل المحددة إلى سبع مراحل مميزة، ويرى أنه لا أصل في هذا العالم أن يعيش في سلام وأن العالم يتجه نحو كارثة حقيقية مدمرة ومعركة نهائية يقودها المسيح هي معركة هرمجدون، وأن المسيح سوف يرفع أتباعه إلى السماء لينقذهم من تلك الكارثة المحققة.
وقد توغلت تلك المفاهيم الخاطئة لنبوءات الإنجيل في وجدان الشعب الأمريكي منذ القرن التاسع عشر الميلادي وحتى القرن الواحد والعشرين، حتى إن دراسة لمؤسسة “نلسن” نشرت في أكتوبر عام ١٩٨٥ م تقول إن ٦١ مليون أمريكي أي ٤٠ % من المشاهدين يستمعون بانتظام إلى مبشرين يقولون لهم إننا لا نستطيع أن نفعل شيئًا لمنع حرب نووية تنفجر في حياتنا، ومن أكثرالإنجيلين شهرة الذين يبشرون على التلفزيون بنظرية هرمجدون.
أشهر الشخصيات الإنجيلية الأصولية:
من الشخصيات المؤثرة في الشعب الأمريكي وأحد دعاة الهرمجدون ومؤيدي الدولة العربية الإسرائيلية القس “بات روبرتسون” الذي يستضيف برنامجًا ومدته ٩٠ دقيقة يوميَّا يدعى نادي ال ٧٠٠ ، نسبة إلى ٧٠٠ مساهم معه، وهذا البرنامج يصل إلى أكثر من ١٦ مليون عائلة أمريكية أي أكثر من ١٩ % من الأمريكيين.
ويوظف روبرتسون حوالي ١٣٠٠ شخص لإدارة شبكته التلفزيونية المسيحية (سي.بي.إن) وتضم ثلاث محطات تلفزيونية ومحطة راديو ومراسلين في ٦٠ دولة، وتقدم برامج إخبارية ودعائية لإسرائيل وتحقق عائدات سنوية تزيد عن ٢٠٠ مليون دولار في الثمانينيات، ووصل نفوذ روبرتسون إلى البيت الأبيض إلى الحد أنه رشح نفسه للرئاسة، وذلك عام ١٩٨٨ م عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الأولية.
ومن الشخصيات التي أثرت في صنع القرار الأمريكي أيام “ريجان” المبشر “جيري فولويل” الذي يلقي دروسه التبشرية الأسبوعية إلى حوالي ٥,٦ مليون منزل بأمريكا، أي حوالي ٦,٦ % من المشاهدين.
وكان “جيري فولويل” من مؤيدي التميز العنصري في جنوب أفريقيا، ومن أشد أنصار الدولةاليهودية الإسرائيلية ومن مروجي “الهرمجدون”.
وفي عام ١٩٨٥ م أيد “فولويل” الديكتاتور الفلبيني “ماركوس”، ثم أنشأ عام ١٩٨٦ م منظمةتدعى “فيديرالية الحرية” لتكون بمثابة الأم “للمجموعة المعنوية” التي يقودها.
وفي عام ١٩٨٦ أقام حفل غداء في واشنطن لتأييد “بوش الأب” الذي كان نائبًا للرئيس ريجان، وأخبر “فولويل” ضيوفه أن بوش سيكون أفضل رئيس في عام ١٩٨٨ م.
واشترى “فولويل” شبكة تلفزيونية هي الشركة المسيحية الوطنية وأسماها محطة “الحرية للبث” كي تذيع برامج دينية لمدة ٢٤ ساعة، كلها تبشر بنبوءات الكتاب المقدس لصالح دولة إسرائيل الكبرى ومعركة هرمجدون.
ولقد كان تأثير “فولويل” كبيرًا على الرئيس ريجان الذي كان يعتقد أنه أحد قادة معركة هرمجدون.
القس “جيمس سواجارت” وهو واحد من أشر المبشرين المقبولين جماهيريَّا، ويملك ثاني أكثر المحطات التلفزيونية الإنجيلية شهرة حسب استقصاء مؤسسة نلسون، ويصل صوته إلى نحو ٥,٤ % من المشاهدين الأمريكان أي حوالي ٩ملايين أسرة أيام الآحاد.
وهناك “جيم بيكر” الذي يملك أشهر ثالث المحطات التلفزيونية الإنجيلية، وهو أحد تلامذة” روبرتسون” ويصل صوته إلى ٦ ملايين بيت في أمريكا!!. وهو يعتقد مثل جميع “التدبيريين” بالمجيء الثاني للمسيح وبمعركة الهرمجدون، ومحطته التلفزيونية تحقق أرباحًا تقدر بأكثر من ١٠٠ مليون دولار أمريكي.
وهناك “كينين كوبلاند” الذي يصل صوته إلى ٤,٩ مليون أسرة مشاهدة لبرامجه التبشيرية، وهو يرى أن إسرائيل الحديثة وصهيون الإنجيلية شيء واحد، ويردد إن الله أقام إسرائيل، وأننا نشاهد الله يتحرك من أجل إسرائيل، ويقول: إنه لوقت رائع أن نشعر الله مدى
تقديرنا إلى جذور إبراهيم. ” ريتشارد دي هان” يصل برنامجه التلفزيوني التبشيري المسمى “يوم كشف النظام” إلى نحو خمسة ملايين منزل أمريكي.
“أورال روبرتس” ويصل برامجه التلفزيونية إلى نحو ستة ملايين أسرة أمريكية من المشاهدين، ويقول “أورال” إن الله طلب منه أن ينشئ هذه الجامعة، وإن الله أخبره في عام ١٩٦٨ م أن يترك الكنيسة المقدسة في “نبتيكوستال” وأن يصبح قسيسًا في كنيسة “ميثوديست”
وقد تخرج من جامعة المبشر “كينين كوبلاند” الذي أصبح أحد المبشرين الإنجيليين اللامعين في أمريكا.
“ريكس همبرد” أحد المبشرين لتعاليم “سكوفيلد” ويصل صوته إلى ٣,٧ مليون أسرة أمريكية.
والجدير بالذكر أن من بين ٨٠ ألف قسيس إنجيلي يذيعون يوميا من خلال ٤٠٠ محطة راديو، والأكثرين منهم من “التدبيريين” المؤيدين للنظام العنصري في إسرائيل، وهم بالقوة بمثابة الملوك المتوجين على العرش الأمريكي ويجمعون ملايين الدولارات يوميا، ومعظم المدارس الإنجيلية في أمريكا تدرس النظام الديني ونظرية هرمجدون ومن يؤمن بأن الخلاص في الحرب المدمرة على أرض هرمجدون بفلسطين.
ومجيدو أو مجدون تل يقع على وادي يسمى يزرعيل على بعد ٢٠ ميلا من شرق مدينة حيفا، وكلمة “هر” تعني جبل وأضيفت إلى مجيدو، فأصبحت هرمجدون أي تل أو جبل مجدون،
( وقد جرت على أرض هرمجدون معارك كثيرة قديمة قبل الميلاد وبعده) .
وهي مدينة قديمة تقع على مفترق الطرق لها أهمية استراتيجية وأهمية عسكرية وملتقى للقوافل قديمًا وطريق ) ساحلي يصل مصر بدمشق والشرق وكانت مسرحًا للمعارك وكان الغزاة الأقدمون يقولون إن أي قائد يستولى على مجيدو يمكن له أن ينتصر على كل الأعداء.
وجاء في أصحاح يوشع 21/21 كيف أن يوشع واليهود من بنى إسرائيل هزموا الكنعانيين في أرض مجيدو وبعد قرنين انتصر بنو إسرائيل على القائد الكنعاني “سيسيرا”، وقد حصن الملك سليمان هذه المدينة في عصره وجعل منها مركزًا عسكريًا وحقق الجنرال “اللمبي” الإنجليزي النصر على الأتراك في الحرب العالمية الأولى أيضًا على أرض مجيدو، وذكر إنجيل يوحنا كلمة هرمجدون في سفر الرؤيا الفصل ١٦ المقطع ١٦ : وجمعهم جميعًا في مكان يدعى
بالعبرية هرمجدون”. وقد أضيفت الكلمة العبرية “هر” ومعناها الجبل إلى مجيدو.