وصف البلدان العربية على لسان أحد الحكماء في سيرة سيدنا عمر بن الخطاب ؟

وصف البلدان العربية

حين توسع فتح البلدان زمن سيدنا عمر بن الخطاب أراد سيدنا عمر أن يعرف طبيعة هذه البلدان والمدن ومساكنها وهوائها وتربتها  فكتب الى أحد الحكماء في ذلك العصر فكان الجواب التالي :

1– الشام

أما الشام فسُحُبٌ وآكام، وريح وغمام، وغدق ورُكام، ترطب الأجسام، وتولد الأحلام، وتصفي الألوان،  لا سيما أرض حِمْص فإن تحسن الجسم، وتصفي اللون، وتبلد اللهم، وتنزح غوره، وتجفي الطبع، وتذهب بماء القريحة، وتنصب العقول،
والشام- يا أمير المؤمنين، وإن كانت على ما وصفت لك- فهي مَسْرَح خصب، ووابل سَكْب، كثرت أشجاره، واطَّرَدت أنهاره، وغمرت أعشاره،
وبه منازل الأنبياء، والقدس المجتبى، وفيه حَلَّ أشراف خلق اللّه تعالى من الصالحين والمتعبدين، وجباله مساكن المجتهدين والمنفردين.
2- مصر
وأما أرض مصر فأرض قَوْرَاء غَوْرَاء، ديار الفراعنة، ومنازل الجبابرة، تحمد بفضل نيلها،  وذَمّها أكثر من حمدها، هواؤها راكد، وحرها زائد، وشرها وارد، تكدر الألوان، وتخبب الفطن وتكثر الإِحن وهي معدن الذهب والجوهر والزمرد والأموال،  ومغارس الغَلاَّت، غير أنها تسمن الأبدان وتسود الأبشار، وتنمو فيها الأعمار، وفي أهلها مكر ورياء، وخبث ودهاء وخديعة، إلا أنها بلد مكسب لا بلد مسكن؛ لترادف فتنها، واتصال شرورها.

3- اليمن

وأما اليمن فيضعف الأجسام، ويذهب الأحلام، ويذهب بالرطوبة،  في أهله همم كبار، ولهم أحساب وأخطار، مَغَايضه حِصْبَة، وأطرافه جَدْبة، وفي هوائه انقلاب، وفي سكانه اغتيال،  وبهم قطعة من الحسن، وشعبة من الترفه و فقرة من الفصاحة.

4- الحجاز

وأما الحجاز فحاجز بين الشام واليمن والتهائم، هواؤه حَرور، وليله بهفور، ينحف الأجسام، ويُجفَف الأدمغة، ويشجع القلوب، ويبسط الهم، ويبعث على الإِحن وهو بلد مَحْل قَحْط جَدب ضَنْك.

5- المغرب

وأما المغرب فيُقسِّي القلب، ويوحش الطبع، ويُطِيش اللُّبَّ ويذهب بالرحمة، ويكسب الشجاعة، ويقشع الضراعة، وفي أهله غدمْر، ولهم خبث ومكر، ديارهم مختلفة، وهممهم غير مؤتلفة، ولديارهم في آخر الزمان نبأ عظيم، وخطب جسيم، من أمر يظهر، وأحوال تبهر.

6- العراق

وأما العراق فمنار الشرق، وسُرة الأرض وقلبها، إليه تحادرت المياه، وبه اتصلت النضارة، وعنده وقف الاعتدال، فَصَفت أمزجة أهله، ولطفت أذهانهم، واحتَدَت خواطرهم، واتصلت مسراتهم، فظهر منهم الدهاء، وقويت عقولهم، وثبتت بصائرهم،  وقَلْبُ الأرض العراق وهو المجتبى من قديم الزمان وهو مفتاح الشرق، ومسلك النور ومسرح العينين، ومدنه المدائن وما والاها ولأهله أعدل الألوان، وأنقى الروائح، وأفضل الأمزجة، وأطوع القرائح، وفيهم جوامع الفضائل، وفوائد المبرات، وفضائله كثيرة؛لصفاء جوهره، وطيب نسيمه، واعتدال تربته، وإغداق الماء عليه، ورفاهية العيش به.

7- فارس

وأما بلد فارس فخصب الفضاء، رقيق الهواء، متراكم الماء، مُعْتَمّ بالأشجار، كثير الثمار، وفي أهله شح، ولهم خب ؛ وغرائزهم سيئة، وهمهم دنيئة، وفيهم مكر وخداع.
واعلم- يا أمير المؤمنين- أن اللّه تبارك وتعالى قسم الأرض أقساماً فَضَّل بعضها على بعض، فأفْضَلُ أقسامه  العراق، فهو سيد الآفاق، وقد سكنه أجيال وأمم ذوو كمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top